المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

109

التنزيلات؟ وكيف قال مثلاً: إنّي تعهّدت بذكر كلمة كذا عند إرادة معنى كذا؟ أليست هذه ألفاظاً تحتاج إلى تعهّدات سابقة، خصوصاً أنّها جملة محتوية على نكات كثيرة من اللغة من الاسم والفعل والحرف والمادّة والهيئة والنسبة التامّة والناقصة، أو قل: إنّها محتويةٌ على نفائس اللغة، خصوصاً أنّ بعض معانيها غير محسوسة كالتعهّدات النفسيّة، ولا يُتوصّل إليها ابتداءً إلاّ بالتشبيه بالمعاني المحسوسة.

وهذا لا يأتي على مبنانا حيث نقول: نشأت اللغة من حيث لا يدري الإنسان، فالزئير دلّ بالاقتران الكثير على الأسد وبالتالي على الشجاع، وتوسّعت اللغة بالتدريج.

الرابع: ما يكون مبنيّاً على مبانيهم أيضاً، وهو: أنّ اللغة ظاهرة تحصل بين المجتمع؛ ولذا تعمّ جماعةً وقطّاعاً من الناس، وهنا يأتي السؤال عن أنّه: كيف يتمّ الاتّفاق بينهم على كلمات معيّنة؟! فإن كان هذا بتوارد الخاطر، فكلّهم كانوا يصبحون الصباح وقد خطر على بالهم أن يسمّوا الماء ماء، فهذا هو الإلهام، وكان الواضع هو الله تعالى، وهو المقصود، وإلاّ فما هو التنظيم الدقيق الذي يجعلهم لا يختلفون، ولا يضع كلّ واحد منهم صدفة غير ما وضع الآخر، بل تنتظم اللغة فيما بينهم؟! ولا يمكن افتراض: أنّ كبيرهم أو رئيسهم هو الذي يضع اللغة، ويتبعه الآخرون مثلاً، فلا يلزم الفوضى؛ وذلك لأنّ ظاهرة اللغة أعمق من ظاهرة السيادة والرئاسة والمرؤوسيّة وما شابه ذلك؛ فإنّ هذه الظواهر إنّما توجد بين الناس بعد أن يتمّ التفاهم بينهم باللغة والتكلّم، ويصلوا إلى مرحلة درك هذه الأشياء وجعلها، وإلاّ احتجنا إلى الإلهام أيضاً.

وهذا الاستبعاد في محلّه، والجواب عليه على مبناهم في غاية الإشكال، وعلى مبنانا نقول: إنّ هناك مناسبات ونكات مشتركة حصلت عندهم جميعاً في