المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

143

على الوجود. وتوضيح ذلك: أنّ المفهوم الاسميّ في الذهن يمكن بنظرة تحليليّة أن يحلّل إلى ماهية ووجود، وتشكّل قضيّة تحليليّة، فيقال: النار وجدت في الذهن. فالوجود والماهية وإن كانا متّحدين خارجاً ولكن بحسب التحليل تتقرّر في المرتبة السابقة ماهية، ويحمل عليها الوجود أو العدم. وهذا معناه: أنّ مفهوم النار في مرتبة وقوعه موضوعاً لهذه القضيّة التحليليّة له تقرّر في نفسه بقطع النظر عن الوجود، وهذا التقرّر الماهويّ يوجد في باب المفاهيم الاسميّة. وأمّا في المفاهيم الحرفيّة فهذا النحو من التقرّر الماهويّ غير معقول. بيان ذلك: أنّه لو لم تكن هويّة أفراد النسب عبارة عن حدود أشخاص الوجودات كما عرفت في المرحلة الثالثة، بل كانت لها ماهية مستقلّة عن وجود الطرفين، أمكن أن يشار إلى تلك الماهية وتجعل موضوعاً لقضيّة تحليليّة، ويحمل عليها الوجود، وكان لها تقرّر ماهويّ في ذاتها بغضّ النظر عن الوجود، ولكن قد عرفت أنّ المعنى الحرفيّ ليس إلاّ عبارة عن حدّ الوجودات فليست له ماهية وراء حدّ الوجود، فإذا غُضّ النظر عن الوجود كان معنى ذلك غضّ النظر عن ماهية المعنى الحرفيّ، فليس له تقرّر ماهويّ في المرتبة السابقة على الوجود.

بكلمة اُخرى: أنّ المفهوم الاسميّ له تقرّر ماهويّ قبل مرتبة الوجود في الذهن، ثُمّ يوجد في الذهن، وأمّا المفهوم الحرفيّ فقبل مرتبة وجود الطرفين بحدّهما في الذهن ليس له تقرّر ماهويّ، ويحصل له التقرّر الماهويّ في نفس مرتبة وجود الطرفين بما لهما من حدّ في الذهن؛ لأنّ هويّة المعنى الحرفيّ ليست إلاّ عبارة عن نفس حدّ شخص وجود الطرفين، إذن ففي مرتبة سابقة على عالم الذهن لا يوجد تقرّر ماهويّ للمعنى الحرفيّ كما كان يوجد للمعنى الاسميّ، وإنّما يكون تقرّره الماهويّ بنفس تكوّنه في عالم الذهن.