المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

144

وهذا أيضاً أحد مداليل ما جاء عن المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ معاني الأسماء إخطاريّة، ومعاني الحروف إيجاديّة، أي: أنّ المفهوم الاسميّ له تقرّر ماهويّ في نفسه بغضّ النظر عن مرتبة عالم الذهن، ثُمّ يخطر في الذهن. وأمّا المفهوم الحرفيّ فتقرّره الماهويّ لا يكون إلاّ بنفس وجوده في الذهن.

المرحلة الخامسة: أنّ مفهوم النار مثلاً الذي هو معنىً اسميّ إذا التفت إليه بقيد وجوده في الذهن، فنسبته إلى النار الخارجيّة نسبة المماثل إلى المماثل. وأمّا إذا التفت إليه بقطع النظر عن وجوده الذهنيّ، فنسبته إليها نسبة الكلّيّ إلى فرده. وأمّا العلاقة الذهنيّة فنسبتها إلى العلاقة الخارجيّة دائماً هي نسبة المماثل إلى المماثل؛ لأنّها بالنظر إلى الوجود تكون فرداً مماثلاً للفرد الخارجيّ، وبقطع النظر عن الوجود عرفت أنّه ليس لها تقرّر ماهويّ حتّى تنسب إلى الخارج، وليس هناك جامع حتّى تكون نسبته إلى ما في الخارج نسبة الكلّيّ إلى فرده.

وهذا الفرق بين المعنى الاسميّ والمعنى الحرفيّ مدلول ثالث من مداليل ما جاء عن المحقّق النائينيّ(رحمه الله) من أنّ معاني الأسماء إخطاريّة، ومعاني الحروف إيجاديّة، فالمعنى الاسميّ منطبق على ما في الخارج انطباق الكلّيّ على فرده، فكأنّه أُخذ من الخارج واُخطر إلى الذهن من الخارج. وأمّا المعنى الحرفيّ فلا يخطر إلى الذهن من الخارج، بل نسبته إلى ما في الخارج نسبة الوجود إلى الوجود، لا الكلّيّ إلى فرده.

ويبقى هنا سؤال وهو أنّ النسبة الذهنيّة الحرفيّة بعد أن كانت وجوداً مماثلاً للوجود الخارجيّ، ولم تكن بأيّ وجه من الوجوه عنواناً للمعنون الخارجيّ، أو كلّيّاً منطبقاً على الأفراد الخارجيّة، فكيف تحكي عن الخارج؟!

وبكلمة اُخرى: أنّ المعنى الاسميّ إنّما كان يحكي عن الخارج باعتبار أنّه