المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

154

الربط الكلامي، وكلام المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) على الوجود الرابط الخارجيّ أفاد هو وجهاً ثالثاً في المقام(1)، وهو: أنّ المعنى الاسميّ من قبيل الضرب مثلاً موضوع للطبيعة القابلة الانطباق على أفراد كثيرة وحصص عديدة، فتارةً يقصد إفهام ذات الطبيعة، فيستعمل المفهوم الاسميّ ككلمة الضرب، واُخرى يقصد إفهام حصّة خاصّة من الطبيعة تكون أضيق دائرة في مقام الانطباق على الأفراد والحصص، كخصوص الضرب في الدار الذي لا ينطبق على الضرب في السوق مثلاً، وهذا لا يمكن تفهيمه بنفس كلمة الضرب؛ لأنّ كلمة الضرب وضعت لأصل الطبيعة، فيفهّم ذلك عن طريق تعدّد الدالّ والمدلول، وذلك بتحليل الحصّة إلى أصل الطبيعة وإلى التحصّص، فأصل الطبيعة يدلّ عليه بكلمة الضرب، والتحصّص والضيق يدلّ عليه بكلمة «في»، فيقول: «الضرب في الدار»، فهذا يدلّ على حصّة معيّنة من طبيعة الضرب أضيق دائرة في مقام الصدق والانطباق من أصل مفهوم الضرب، فالحرف موضوع لتحصيص المفهوم الاسميّ وتضييقه وتحديد دائرة قابليّته للانطباق، وليس مفاد الحرف هو مفهوم الضيق، فإنّ مفهوم الضيق يعبّر عنه بالاسم، وإنّما الحرف موضوع لواقع الضيق والمحدوديّة.

هذا حاصل ما أفاده ـ دامت بركاته ـ في الوجه الثالث.

أقول: إنّنا لتمحيص هذا الوجه نقدّم مقدّمة للتوضيح، وهي: أنّه متى ما لوحظ مفهوم مع مفهوم آخر كمفهوم الضرب مع مفهوم الدار، أو مفهوم الإنسان مع مفهوم الحصان، فتارة ننتزع من بينهما نسبة كانتزاع نسبة الظرفيّة بين الضرب والدار،


(1) راجع المحاضرات، ج 1، ص 75 فصاعداً بحسب طبعة دار الهاديّ للمطبوعات بقم، أو ج 43 بحسب طبعة موسوعة الإمام الخوئيّ، ص 83 فصاعداً، وراجع أجود التقريرات، ج 1، ص 18 ـ 19 تحت الخطّ.