المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

155

واُخرى لا ننتزع منهما نسبة. فإن انتزعنا نسبة بينهما، أمكن تحصيص أحد المفهومين إلى ما هو واجد لتلك النسبة وإلى ما ليس واجداً لها، من قبيل تحصيص الضرب إلى ضرب وقع في الدار وضرب لم يقع في الدار، فيكون تحصيص الضرب مثلاً بواسطة أخذ هذه النسبة فيه، حيث إنّه بأخذ هذه النسبة فيه يصبح ضيّقاً؛ لأنّه لا يقبل الانطباق على ما يكون فاقداً لهذه النسبة. وأمّا إن لم ننتزع نسبة بينهما كما لو لاحظنا مفهوم الضرب ومفهوم الدار من دون فرض أيّ نسبة بينهما، من قبيل نسبة الظرفيّة، فيستحيل تضييق أحدهما بالآخر وتحصيصه به، وكذلك مفهوم الإنسان والحصان، فترى أنّ مفهوم الإنسان لا يمكن أن يضيّق ويحصّص بمفهوم الحصان إلاّ بعد انتزاع نسبة بينهما، من قبيل نسبة المعيّة، أو نسبة الاستعلائيّة، أو المالكيّة، أو غير ذلك، فحينما نحصّص ونضيّق مفهوم الإنسان بكونه إنساناً مع الفرس، أو إنساناً على الفرس، أو إنساناً مالكاً للفرس وغير ذلك، فإنّما يكون هذا تضييقاً بلحاظ نسبة من النسب، وتحصيصاً للإنسان إلى ما هو طرف لهذه النسبة وواجد لها وإلى ما هو فاقد لها، فيكون الواجد لها مضيّقاً لا يقبل الانطباق على الفاقد لها، ففي مثل قولنا: «إنسان على الفرس» أو «فراش في الدار» أو نحو ذلك لا يوجد فقط مفهوم الطرفين مع التحصيص والضيق، بل هناك طرفان مع نسبة بينهما، ويكون التحصّص والضيق في طول النسبة، ولو لم تكن هناك أيّ نسبة بينهما، ولم يكن يُوجد عدا التحصّص والضيق، لما أمكن تفسير وجود فرق في المعنى بين قولنا مثلاً: «فراش في الدار» أو «فراش للدار» أو «فراش على الدار»، فإنّ واقع التحصّص والضيق لولا النسب لا تتصوّر له عدا هويّة واحدة يشار إليها بمفهوم اسميّ واحد، وهو التحصّص والضيق، ولكن النسب هي اُمور عديدة يشار إليها بمفاهيم اسميّة عديدة، كالنسبة الظرفيّة والنسبة الاستعلائيّة