المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

156

والنسبة الاختصاصيّة ونحو ذلك، والتحصّص إنّما ينقسم إلى أقسام باعتباره في طول هذه النسب، فهناك تحصّص وضيق ناشئ من طرفيّة الشيء للنسبة الظرفيّة، وهناك تحصّص وضيق ناشئ من طرفيّة الشيء للنسبة الاستعلائيّة ... وما إلى ذلك.

وبعد هذه المقدّمة نقول: ما هو المقصود بقولكم: إنّ الحرف وضع لواقع الضيق؟ فإن كان المقصود هو كون الحرف موضوعاً لما هو منشأ الضيق وملاكه وهو النسبة، فهذا تعبير مسامحيّ عن نفس ما ذكرناه، ويطابق قول المشهور، وليس أمراً جديداً، وإن كان المقصود هو كون الحرف موضوعاً لنفس واقع الضيق والتحصّص، فهذا مطلب جديد، ولكنّه يرد عليه:

أوّلاً: أنّك قدعرفت أنّه لايعقل فرض التحصيص والضيق إلاّ بلحاظ فرض النسبة، فهل يُدّعى أنّ الحرف يدلّ على النسبة أيضاً؟ أو يقال: إنّه يدلّ على الضيق فقط؟

فإن قيل: إنّه يدلّ على الضيق فقط، قلنا: لا يوجد هناك دالّ آخر يدلّ على النسبة والضيق، وتحصيص المفهوم بمفهوم آخر يستحيل أن يأتي بذاته، بل يجب أن يتحقّق بواسطة النسبة. وإن قيل: إنّه يدلّ على النسبة أيضاً قلنا: دلالته على النسبة تكفي، ويكون وضعه للضيق لغواً؛ وذلك لأنّ النسبة بذاتها توجد الضيق قهراً، فالضرب الواجد للنسبة الظرفيّة إلى الدار مثلاً يستحيل قهراً انطباقه على الضرب في السوق، أو أيّ ضرب آخر بلا حاجة إلى فرض وضع الحرف للضيق.

وثانياً: أنّ هناك حروفاً لا يوجد في موردها ضيق للمفهوم بواسطتها، فماذا يصنع السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ بمثل تلك الحروف؟! وهذا شاهد لما قلناه من أنّ الحرف ليس موضوعاً للضيق، وإنّما هو موضوع للنسبة. وسنوضّح أنّ بعض الحروف والنسب لا تضيّق ولا تحصّص، فمنها الحرف المتمحّض في العطف، كقولنا: جاء الإنسان والحيوان، فأيّ تحصيص ورد على الإنسان من هذا العطف؟!