المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

157

قد يتصوّر أنّه اُريد بالإنسان الحصّة الخاصّة من الإنسان التي هي مع الحيوان، واُريد بالحيوان الحصّة الخاصّة من الحيوان التي هي مع الإنسان، ولكن ما رأيكم في قولنا: الحرارة والبرودة لا تجتمعان؟ فهل اُريد من الحرارة الحصّة المقترنة للبرودة، ومن البرودة الحصّة المقترنة للحرارة؟! طبعاً لا، بداهة أنّ المقصود: بيان أنّهما لا يقترنان أصلاً، وهذا من أجل أنّ الحرف ليس ابتداءً موضوعاً للتحصيص، بل موضوع للنسبة، والنسبة التي بإزاء حرف العطف لا تحصّص، ومنها أداة الاستثناء كعندي عشرة دراهم إلاّ درهماً، أفهل تحصّص هذه العشرة بالتسعة، مع أنّ التسعة ليست عشرة حتّى يراد تلك الحصّة من العشرة التي هي تسعة؟ فالتحصيص هنا غير معقول، وقولوا نفس الشيء عن حرف الإضراب، كجاء زيد بل عمرو، وحرف التفسير، كهذا عسجد، أي: ذهب، وغير ذلك، وليس كلّ هذا إلاّ لأنّ مفاد الحرف ليس ابتداءً هو التحصيص والضيق، بل مفاده منشأ الضيق، أي: النسبة، والنسبة قد تضيّق وقد لا تضيّق، كما سيأتي بيانه إن شاء الله. فهذا الوجه لا يمكن تصحيحه إلاّ إذا رجع إلى ما ذكرناه، فيكون نفس مسلك المشهور، وتعبيراً مسامحيّاً عمّا قلناه.

وهناك توجيه دقيق لكلامه دامت بركاته، إلاّ أنّ كلامه لا يفي ببيانه، ولا بإثباته، ولعلّه كان ينظر ارتكازاً إلى ذلك وإن كانت الفكرة غير واضحة ومحدّدة عنده، وهذا التوجيه هو ما نذكره بعنوان:

 

تعميق المسلك الثالث في تصوير المعنى الحرفيّ:

فنقول: إنّ الذي يبدو من ظاهر كلماتهم في بيان هذا المسلك الثالث خصوصاً المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله) هو: أنّ النسبة الحرفيّة هي جزء ممّا هو ثابت في الذهن في مثل قولنا: «نار في الموقد» في مقابل ما في الخارج، فكما يوجد في الخارج نار وموقد،