المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

158

وتكون بينهما نسبة، ويكون النار والموقد موجودين في نفسهما والربط مستهلك بينهما، كذلك يوجد في الذهن موازياً لما في الخارج مفهوم النار بإزاء واقع النار الخارجيّ، ومفهوم الموقد بإزاء واقع الموقد الخارجيّ، وربط بين المفهومين بإزاء الربط الخارجيّ. وهذا الربط ليس هو مفهوم الربط، بل حقيقة الربط، ونسبته إلى الربط الخارجيّ نسبة المماثل إلى المماثل، والوجود إلى الوجود مثلاً، ومفهوم النار والموقد موجودان في نفسهما، وهذا الربط موجود لا في نفسه، وليس له تقرّر ماهويّ قبل وجوده.

هذه خلاصة المسلك الثالث، وكأنّه يدّعى فيها: أنّ ما في الذهن مركب من ثلاثة أجزاء، وهي: مفهوم النار، ومفهوم الموقد، والربط بينهما.

إلاّ أنّ الصحيح خلاف هذا. وتوضيح ذلك: أنّه حينما يوجد في الخارج نار في الموقد مثلاً، فهناك اُمور عديدة قد يقال بوجودها في الخارج، منها:

1 ـ النار.

2 ـ الموقد، وهما من الجواهر الموجودة في نفسها.

3 ـ الوجود الرابط الخارجيّ بينهما مثلا وهو موجود لا في نفسه.

4 ـ صفة الظرفيّة للموقد.

5 ـ صفة المظروفيّة للنار، وهما عرضان ومفهومان انتزاعيّان من مقولة الإضافة عندهم، كالاُبوّة والبُنُوّة.

6 ـ ما يدّعونه من وجود هيئة وجوديّة للمكين بلحاظ إحاطة المكان به، وهو مقولة الأين(1).


(1) كان يرى(رحمه الله): أنّ هذه الهيئة المسمّاة بمقولة الأين مجرّد وهم وخيال، وليست أمراً واقعيّاً، وأنّ الظرفيّة والمظروفيّة من اُمور لوح الواقع، لا من موجودات العالم الخارجيّ.