المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

159

وهناك روابط اُخرى في المقام؛ لأنّ كلّ عرض يحتاج إلى رابط بمعروضه، والشيء الموجود لا في نفسه من هذه الاُمور الستّة التي عددناها هو الشيء الثالث.

هذا حال ما في الخارج. وأمّا الذهن حينما يتصوّر ما في الخارج من النار في الموقد فلا إشكال في أنّه لا يحضر في الذهن بنفس هذا التصوّر والحضور مفهوم الظرفيّة، ولا مفهوم المظروفيّة، ولا مفهوم الأين. نعم، بإمكان الذهن أن ينظر نظرة اُخرى غير هذه النظرة إلى ما في الخارج وينتزع منها بمعونة مفهوم النار والموقد هذه المفاهيم الثلاثة، فيقول: الموقد ظرف للنار، والنار مظروفة للموقد ومتّصفة بصفة الأين، إلاّ أنّ هذا كلّه خارج عن تصوّر «نار في الموقد» كما هو واضح، فلم يبق في الذهن من تلك الاُمور الستّة ما عدا الثلاثة الاُولى، فقد يدّعى أنّه يوجد في الذهن موازياً لتلك الاُمور الثلاثة الخارجيّة مفهوم النار ومفهوم الموقد وربط بينهما، فالأوّلان موجودان في أنفسهما، والثالث موجود لا في نفسه.

والصحيح: أنّه لا يوجد في الذهن عند تصوّر «نار في الموقد» مثلاً مفهومان مستقلاّن: أحدهما مفهوم النار والآخر مفهوم الموقد وقد ربط الذهن بينهما، بل يوجد رأساً وجود ذهنيّ واحد في النفس. والبرهان على ذلك: أنّه لو وجد في الذهن عند تصوّر «نار في الموقد» مفهومان مستقلاّن لم يخل الأمر من أحد فرضين:

1 ـ أن لا يوجد رابط بينهما. وهذا لازمه أن يكون المعنى المتصوّر من «نار في الموقد» عين المعنى المتصوّر من «نار، موقد» بلا أيّ فرق في عالم التصوّر. وهذا واضح البطلان.

2 ـ أن يوجد ربط بينهما. وهذا لا يخلو من أحد وجهين: