المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

160

الأوّل: أن يكون الرابط هو مفهوم النسبة والربط. وهذا أيضاً باطل؛ لأنّ هذا كما مضى مفهوم اسميّ وليس ربطاً.

الثاني: أن يكون الرابط هو واقع النسبة. وهذا لا يخلو من أحد وجهين:

1 ـ أن تكون النسبة الموجودة بينهما هي النسبة الظرفيّة، فهي نسبة مماثلة للربط الخارجيّ، فكما أنّ النار في الخارج مظروف والموقد ظرف وبينهما نسبة ظرفيّة، كذلك مفهوم النار في الذهن مظروف ومفهوم الموقد في الذهن ظرف له وبينهما نسبة ظرفيّة. وهذا أيضاً باطل؛ فإنّ النار الذهنيّة والموقد الذهنيّ وكلّ الصور الذهنيّة هي أعراض، وكلّها من مقولات الكيف، وليس بعضها ظرفاً لبعض، بل هي ليست اُموراً مكانيّة، فإنّها مجرّدة، والمجرّد لا يأخذ مكاناً وحيّزاً.

2 ـ أن تكون النسبة الموجودة بينهما نسبة اُخرى غير النسبة الظرفيّة، من قبيل نسبة الاقتران الزمانيّ، فهذان المفهومان مقترنان زماناً، فإنّ الصور الذهنيّة وإن لم تكن مكانيّة لكنّها زمانيّة، ووجود نسبة من هذا القبيل لا بأس به، ولكن نسبة من هذا القبيل لا تحكي عن النسبة المكانيّة، فلا تكون صورة «نار في الموقد» حاكية عن نار خارجيّة تكون واقعة بحسب الخارج في مكان، وهو الموقد. وهذا أيضاً واضح البطلان.

فإذا بطلت كلّ الشقوق، انحصر الأمر في أن نقول تعميقاً للمسلك الثالث: إنّ هناك وجوداً واحداً في الذهن لماهية «نار في الموقد»، أي: كما أنّنا نحلّل ماهية الإنسان الخارجيّ إلى الحيوان والناطق، من دون أن يشكّل كلّ منهما جزءاً وجوديّاً للإنسان في عالم الخارج، كذلك نحلّل ماهية هذا الوجود الذهنيّ الواحد إلى أجزاء ثلاثة: النار، والموقد، والنسبة بينهما، من دون أن تشكّل هذه الاُمور أجزاء وجوديّة لذلك في عالم الذهن، فالنسبة الحرفيّة جزء تحليليّ للوجود