المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

161

الذهنيّ، وليست ـ كما يتراءى من عبائرهم خصوصاً المحقّق الإصفهانيّ(قدس سره) ـ جزءاً وجوديّاً له، فالحرف والاسم يتعاونان معاً في إيجاد وجود واحد، وهو وجود «نار في الموقد» في الذهن. وخير تعبير عرفيّ عن هذا الوجود الواحد هو ما جاء على لسان السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ من التعبير بالحصّة، وهذا أحد الفوارق الأساسيّة بين نشأة الذهن ونشأة الخارج. فنشأة الخارج تحتفظ بأمرين مستقلّين، وتربط بينهما ربطاً منسجماً مع الموادّ والأجسام، من قبيل: ربط الظرفيّة أو الاستعلائيّة أو نحو ذلك، وأمّا نشأة الذهن فتأخذ المفهومين، وإذا أرادت الاحتفاظ باستقلالهما استحال عليها إيجاد ربط بينهما مواز لتلك النسب الخارجيّة؛ لأنّ صور تلك الأشياء ليست مادّيّةً وجسماً حتّى تقبل النسب المنسجمة مع الأجسام الخارجيّة، وإنّما هي أعراض ومجرّدات، فلكي تجعلها حاكية عمّا في الخارج توحّد بين المفهومين في الوجود الذهني، وتجعل النسبة الموازية للنسبة الخارجيّة جزءاً تحليليّاً لماهية ذلك الوجود الذهنيّ، فكأنّ الخلط بين النسبة التحليليّة والنسبة الواقعيّة صار منشأً للتشويش. وأظنّ أنّ السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ إنّما ضرب صفحاً عن رأي المشهور؛ لأنّه فهم منه النسبة الواقعيّة، وأنّ في الذهن ثلاثة أشياء: النار والموقد والنسبة، فالأوّلان مستقلاّن، والثالث مستهلك، وحيث إنّه بارتكازه يرى أنّ الأمر ليس هكذا، فأراد تغيير التعبير، فعبّر بتعبيرات غامضة.

فإن قيل: إنّ بالإمكان مناقشة ما ذكرتموه من البرهان على تحليليّة هذه النسب، كنسبة الظرفيّة في الذهن، وذلك باختيار دعوى إيجاد الربط في الذهن بقيام نسبة واقعيّة مكانيّة، لكن لا بين نفس التصوّرين واللحاظين الذهنيّين للنار والموقد، ليقال: إنّهما وجودان ذهنيّان عرضيّان، ولا يعقل قيام نسبة مكانيّة بينهما،