المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

162

بل بين الملحوظين الذهنيّين.

قلنا: إن اُريد بقيام النسبة بين الملحوظين قيامهما بين الملحوظين بالذات، فمن الواضح أنّ الملحوظ بالذات نفس اللحاظ، وبهذا يرجع إلى قيامها بين نفس اللحاظين. وإن اُريد قيامها بين الملحوظين بالعرض بما هما ملحوظان بالعرض، أي: بالمقدار المطابق لما هو الملحوظ بالذات، فمن الواضح أنّ هذا لا يمكن إلاّ مع أخذ ما يكون قابلاً للحكاية عن تلك النسبة في مرتبة الملحوظ بالذات؛ لأنّ الملحوظ بالعرض لا يرى إلاّ بمنظار الملحوظ بالذات، وقد عرفت سابقاً امتناع ذلك. وإن اُريد قيامها بين الملحوظين بالعرض بذاتيهما، لا بما هما ملحوظان، فهذا صحيح، غير أنّه لا ينفع لإيجاد الربط في عالم الذهن الذي هو المطلوب كما هو واضح.

فإن قيل: إنّنا ندّعي أنّ في الذهن وجوداً لحاظيّاً لماهية النار، ووجوداً لحاظيّاً آخر لماهية الموقد، وكما أنّ كلّ واحد من هذين الوجودين رغم كونه وجوداً لماهية النار أو الموقد بحيث يرينا بالنظر التصوّريّ ناراً وموقداً ليس في الحقيقة وبالنظر التصديقيّ ناراً وموقداً، بل صورة ذهنيّة، كذلك نفرض وجوداً ربطيّاً بين ذينك الوجودين الذهنيّين، وهذا الوجود الربطيّ بالنظر التصوّريّ نسبة مكانيّة، كما أنّ طرفيه بالنظر التصوّريّ نار وموقد، ولا ينافي ذلك أن لا يكون بالنظر التصديقيّ نسبة مكانيّة، كما أنّ طرفيه بالنظر التصديقيّ ليس ناراً أو موقداً.

وبكلمة اُخرى: أنّ قيام ما هو نسبة مكانيّة بالنظر التصديقيّ بين الوجودين الذهنيّين للنار والموقد مستحيل، ولكن قيام ما هو نسبة مكانيّة بالنظر التصوّريّ، بينهما ليس مستحيلاً، وهذا يكفي للحصول على رؤية بالنظر التصوّريّ للنار في الموقد بنحو الارتباط.