المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

163

قلنا: إنّ هذا غير متصوّر أيضاً؛ وذلك لأنّ العقل لو كان ينال من النسبة الخارجيّة المكانيّة ماهية على حدّ ما ينال من النار الخارجيّة ماهية النار، ومن الموقد الخارجيّ ماهيته، لأمكن القول بأنّ هذه الماهية التي ينالها العقل من النسبة المكانيّة توجد بوجود ذهنيّ، ويكون هذا الوجود عين النسبة المكانيّة الحقيقيّة بالنظر التصوّريّ، وإن كان غيرها بالنظر التصديقيّ، كما هو الحال في وجود النار الذهنيّ، غير أ نّا برهنّا فيما سبق على أنّ النسبة ليس لها تقرّر ماهويّ، ولا انحفاظ مفهوميّ على حدّ انحفاظ الوجودات المحموليّة في ماهياتها، وأنّ العقل لا يمكن أن ينال من النسب الخارجيّة ماهيتها الحقيقيّة؛ لأنّها متقوّمة بشخص وجود طرفيها في اُفقها، وكلّ ما يناله العقل من النسبة الخارجيّة إنّما هو مفهوم عرضيّ من قبيل مفهوم النسبة المكانيّة، وهو مفهوم اسميّ، ولا يتحقّق به الربط بين الصورتين، وإنّما يتحقّق الربط بإيجاد نسبة واقعيّة في الذهن بينهما، وهذه النسبة إن كانت نسبة مكانيّة فإيجادها بين الصور الذهنيّة مستحيل، وإن كانت نسبة اُخرى، فالحكاية بها عن النسبة المكانيّة الخارجيّة مستحيل، فتعيّن أن تكون تحليليّة.

ثُمّ إنّه وإن تلخّص من كلّ ما ذكرناه: أنّ الحرف وضع للنسبة التحليليّة، لا للنسبة الواقعيّة الذهنيّة فضلاً عن النسبة الواقعيّة الخارجيّة، إلاّ أنّ هذا كلّه في النسب الأوّليّة دون النسب الثانويّة.

وتوضيح المقصود: أنّه كما تنقسم المفاهيم الاسميّة إلى معقولات أوّليّة، وهي المفاهيم الموازية لما في الخارج، كالإنسان والناطق والحيوان والبياض وما إلى ذلك، وإلى معقولات ثانويّة، وهي المفاهيم المتحصّلة والمتعقّلة بحسب الاُفق الذهنيّ للمعقولات الأوّليّة، وليس لها ما بإزاء خارجيّ من قبيل مفهوم النوع والجنس والفصل، حيث إنّه بعد أن نتصوّر الإنسان والحيوان والناطق نقول: إنّ