المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

165

متضايفان، فيقال: «زيد معدول عنه» و«عمرو معدول إليه» كما وينتزع ببركة النسبة الظرفيّة مظروف وظرف، ومع فرض طرفين متغايرين في الذهن يمكن النسبة بينهما؛ لأنّ حاقّ هذه النسبة أمر ذهنيّ، ومنبته هو الذهن، وطبعاً لا أقول: إنّ النسبة الإضرابيّة تقع بين وجودين ذهنيّين بما هما ذهنيّان، بل تقع بينهما بما هما حاكيان عن الخارج. وأمّا مثل النسبة الظرفيّة فيستحيل وقوعها بين وجودين ذهنيّين بما هما ذهنيّان، ولا بينهما بما هما حاكيان عن الخارج.

وقد تلخّص من كلّ ما ذكرناه: أنّ الحروف موضوعة لواقع النسب(1)، وأنّها على قسمين:

الأوّل: ما وضع بإزاء النسب التحليليّة من قبيل: «في».

والثاني: ما وضع بإزاء النسبة الواقعيّة، من قبيل أدوات الإضراب.

وميزان القسمين هو: أنّه متى ما كانت النسب التي بإزائها الحروف موطنها الأصليّ هو الخارج والذهن انعكاس لها، فالنسب تحليليّة لا واقعيّة، كالنسبة الظرفيّة والابتدائيّة والانتهائيّة ونحو ذلك، فإنّه ينطبق عليها جميعاً ما ذكرناه من البرهان على كونها تحليليّة لا واقعيّة، ومتى ما كانت تلك النسب موطنها الأصليّ ومحلّ نشأتها الأصليّة هو الذهن، فهي مدلولة للحرف بما هي نسب واقعيّة


(1) جاء في تقرير السيّد الهاشميّ حفظه الله، ج 1، ص 257 نقلاً عن اُستاذنا الشهيد(رحمه الله): أنّ ما قلناه من أنّ الحروف موضوعة للنسبة التي تستدعي تعدّد الأطراف حقيقة تارةً، وتحليلاً اُخرى إنّما هو الأمر الغالب، ولكن قد يتّفق أن يكون مفاد الحرف خصوصيّة في المعنى الاسميّ، فليست حرفيّتها باعتبار كونها نسبة بين طرفين، بل باعتبار كونها خصوصيّة في الصورة الذهنيّة التي تكون بإزاء المدخول، كما في اللام الدالّة على التعيين بأحد أنحائه من الجنسيّ وغيره، كما في قولنا: «العالم» فإنّ اللام تستوفي مدلولها الحرفيّ هنا بطرف واحد، ولو كان مدلولها نسبة بين شيئين لما كانت كذلك.