المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

17

أمّا ما يكون مفاده إثبات الموضوع، فإخراجه عن التعريف واضح، وذلك بأن يقصد من استنباط الحكم استنباط الحكم الكلّيّ الإلهيّ، بينما هذه القواعد مضمونها إثبات الموضوع.

وأمّا ما يكون مفاده إثبات الحكم، فأيضاً يكون خارجاً عن التعريف؛ وذلك لأنّ المفروض كون علم الاُصول علماً بقاعدة تستنبط منها أحكام اُخرى من قبيل حجّيّة خبر الواحد التي يستنبط منها وجوب الشيء الفلانيّ، وحرمة الشيء الفلانيّ، وهكذا، وأمّا قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده مثلاً فليست قاعدة تستنبط منها أحكام، وإنّما هي بنفسها حكم واحد وجعل واحد له مصاديق، فالحكم بالضمان في كلّ عقد من العقود الفاسدة التي يكون في صحيحها ضمان هو مصداق من مصاديق هذا الجعل الواحد، وليس حكماً مستقلاًّ استنبط من تلك القاعدة.

وهكذا الكلام في نفي الضرر أو الحرج، فإنّه جعل واحد له مصاديق بعدد مصاديق الأعمال الضرريّة أو الحرجيّة من قبيل الصوم عند المرض، والوضوء عند المرض(1). نعم نستثني من ذلك مورداً واحداً وهو حينما يكون نفي الحرج


(1) لا يخفى: أنّه لو فرض هذا جعلاً واحداً، واُخرج من علم الاُصول بهذه النكتة، فدليل البراءة أيضاً يدلّ على جعل واحد، ويلزم خروج البراءة عن علم الاُصول.

ولو قيل: إنّ دليل البراءة تستنبط منه جعول عديدة؛ لأنّه اقتطاع ظاهريّ من الجعول الإلزاميّة العديدة. وبكلمة اُخرى: إنّ نفي الإلزام يتعدّد بتعدّد الجعول المنفيّة، قلنا: إنّ نفي الضرر والحرج أيضاً اقتطاع واستثناءٌ واقعيّ من أحكام عديدة، فكلّ حكم يصبح ضرريّاً أو حرجيّاً ينفى بذلك، فيتعدّد ذلك بتعدّد المستثنى منه.

وقد ذكر اُستاذنا الشهيد(قدس سره) في أوّل بحث حجّيّة خبر الواحد الذي بحثه في زمان سابق