المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

170

أنّ التعهّد لا يتعلّق إلاّ بما يدخل تحت الاختيار، والنسبة بين زيد وعالم ليست تحت اختياري أنا الواضع أو المستعمل حتّى أكون متعهّداً بها، فلا أستطيع أن أجعل زيداً عالماً، فلا يمكنني أن أقول: إنّني متى ما قلت: «زيد عالم» فأنا متعهّد بأنّ النسبة واقعة بين زيد وعالم، وإنّما الذي يكون تحت الاختيار هو قصد الحكاية عن علم زيد. فهذا هو مفاد هيئة الجملة.

وهذا الاعتراض أغرب من الاعتراض السابق؛ وذلك لأنّنا إذا جارينا هذا الطرز من التعبير، فماذا نقول عن الحروف مثلاً التي قال السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ عنها: إنّها موضوعة لتحصيص المفاهيم الاسميّة، فإذا قال: «الإنسان في السماء ممكن» فهل تحت اختياره تحقّق «الإنسان في السماء»؟ وماذا نقول في المفردات؟ فحينما يقول: «زيد» مثلاً وهو اسم لابن خالد مثلاً، فما معنى تعهّده بابن خالد؟ وهل ابن خالد تحت اختياره؟!

وحلّ المغالطة هو: أنّه لا إشكال في أنّ المتعهّد به أمر نفسانيّ، وهو قصد إخطار صورة زيد مثلاً في ذهن السامع، فحينما نقول: إنّ كلمة زيد مثلاً موضوعة لابن خالد نعني بذلك بناء على مسلك التعهّد أنّنا تعهّدنا قصد إخطار صورة ذاك المعنى في ذهن السامع، وكذا في الحروف تعهّدنا قصد إخطار صورة التحصيص في ذهن السامع، وعندئذ نقول في مثل «زيد عالم»: إنّ كونه مجعولاً للنسبة لا ينافي مسلك التعهّد، ومعنى التعهّد هنا التعهّد بقصد إخطار صورة النسبة، فهذا الإشكال لا يقتضي إبطال المسلك الأوّل، وتعيين المسلك الثاني، وغاية ما يقتضيه: أنّ المتعهَّد به يجب أن يكون أمراً نفسانيّاً، وهذا الأمر النفسانيّ، عند المشهور عبارة عن قصد إخطار صورة النسبة، وعند السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ عبارة عن قصد الحكاية، فهذا الاختلاف لا ربط له بمسألة التعهّد.