المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

171

الاعتراض الثالث(1): كأنّه أيضاً مبنيّ على أصل موضوعيّ، وحاصله: أنّ جملة «زيد عالم» تختلف عن الكلمات الأفراديّة، فالكلمات الأفراديّة ليست لها دلالة تصديقيّة، وإنّما لها دلالة تصوّريّة. وأمّا «زيد عالم» فلها دلالة تصديقيّة، أي: توجب ولو اقتضاءً وشأناً التصديق بأنّ زيداً عالم. وبعد هذا الأصل الموضوعيّ نقول: إنّه إن كان مفاد الجملة هو النسبة كما يقوله المشهور لزم عدم الدلالة التصديقيّة؛ إذ مجرّد صدور هذا الكلام وكونه موضوعاً للنسبة لا يقتضي كون متكلّمه صادقاً فيما يقول؛ إذ لا يصدّق على تقدير الكذب بالنسبة. وأمّا إذا قلنا: إنّ مفاد الجملة قصد الحكاية فمقتضى الطبع الأوّليّ للكلام هو تحقّق قصد الحكاية، سواء كان صادقاً أو كاذباً، فتثبت الدلالة التصديقيّة، وحيث إنّنا فرضنا في الأصل الموضوعيّ ثبوت الدلالة التصديقيّة تعيّن كون مفاد الجملة قصد الحكاية.

وهذا الاعتراض أيضاً لا يمكن المساعدة عليه. وتوضيح ذلك: أنّنا إن قلنا في باب


(1) هذا الاعتراض موجود في أجود التقريرات، ج 1، ص 24 ـ 25 تحت الخطّ، والمحاضرات، ج 1، ص 85 بحسب طبعة دار الهاديّ للمطبوعات بقم، وكذلك في ج 43 من موسوعة الإمام الخوئيّ، ص 95.

وهذا الأصل الموضوعيّ الذي افترضه اُستاذنا الشهيد(قدس سره) لهذا الاعتراض، وهو تخصيص الدلالة التصديقيّة بالجمل التامّة دون المفردات كأنّه مستنبط من عدم إمكان توجيه هذا الاعتراض إلاّ بتفسير الدلالة التصديقيّة بوجه لا يأتي في المفردات، وهو الوجه المذكور هنا في المتن في بيان هذا الاعتراض، لا أنّ السيّد الخوئيّ(رحمه الله)يؤمن حقّاً باختصاص الدلالة التصديقيّة بالجملة، فإنّه مضى في بحث التعهّد في مقام شرح كلام السيّد الخوئيّ أنّ مبنى التعهّد يعني اشتمال الدلالة الوضعيّة على المعنى التصديقيّ دائماً، وقد ورد التصريح من السيّد الخوئيّ(رحمه الله) في المقام في مصابيح الاُصول، مباحث الألفاظ، تأليف علاء الدين بحر العلوم تقريراً لبحث السيّد الخوئيّ(رحمه الله) ص 59 بثبوت الدلالة التصديقيّة في المفردات أيضاً.