المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

172

الوضع بغير مسلك التعهّد، من قبيل مسلك الاعتبار، فقد عرفت: أنّ الدلالة الوضعيّة إنّما هي دلالة تصوّريّة تنشأ من الوضع، وإن سمع من اصطكاك حجر، ولا توجد دلالة تصديقيّة بالوضع، لا في المفرد ولا في الجملة الناقصة ولا في الجملة التامّة، فكما أنّ كلمة نار لا تدلّ بالوضع إلاّ على صورة النار كذلك «زيد عالم» لا تدلّ بالوضع إلاّ على صورة زيد عالم، ولا نتعقّل على غير مسلك التعهّد دلالة تصديقيّة بالوضع، وإنّما الدلالة التصديقيّة دائماً تنشأ من ظهورات حاليّة وسياقيّة وأمارات نوعيّة، غير باب الأوضاع على ما يأتي إن شاء الله؛ ولذا تتأثّر باختلاف الحالات، هذا إذا قلنا في باب الوضع بغير مسلك التعهّد. وأمّا إذا قلنا فيه بمسلك التعهّد فتثبت الدلالة التصديقيّة بالوضع حتّى في المفردات بالرغم من عدم وجود قصد الحكاية في المفردات، فحينما يقول: «زيد» يدلّ بالتعهّد على قصد إخطار معناه، وحينما يقول: «زيد عالم» يدلّ أيضاً بالتعهّد على قصد نفسانيّ، مع خلاف بين مقتضى مسلك المشهور ومسلك السيّد الاُستاذ في حقيقة هذا القصد النفسانيّ، هل هو قصد إخطار النسبة أو قصد الحكاية، فلا دخل للدلالة التصديقيّة في تعيين مفاد الجملة في قصد الحكاية دون النسبة.

الاعتراض الرابع: هو أوجه تلك الاعتراضات وأمتنها وإن لم يذكر في كتابات كلماته دامت بركاته، وحاصله: أنّه لو كانت الجملة موضوعة للنسبة، استحال الفرق بين الجملة التامّة والناقصة، فالمشهور وإن كانوا يفرّقون بين جملة «زيد عالم» وجملة «زيد العالم» بأنّ الاُولى موضوعة للنسبة التامّة والثانية موضوعة للنسبة الناقصة، لكن هذا الفرق لا محصّل له؛ لأنّ النسبة أمر بسيط لا يتصوّر فيها زيادة ونقصان، وليست لها أجزاء وعناصر متعدّدة حتّى تشتمل تارة على كلّ العناصر الفلانيّة مثلاً، فتسمّى بالنسبة التامّة، واُخرى تفقد بعض تلك العناصر، فتسمّى بالنسبة الناقصة، إذن فما هو معنى كون النسبة تارة تامّة واُخرى ناقصة؟