المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

173

فالمشهور يعجزون عن إعطاء فرق معقول بين الجملة التامّة والناقصة. فالصحيح في الفرق بينهما: أنّ هيئة الجملة الناقصة موضوعة للتحصيص كالحروف، وتكون دالّة على التحصيص دلالة تصوّريّة، والجملة التامّة موضوعة للدلالة التصديقيّة التي هي في مثل «زيد عالم» عبارة عن قصد الحكاية، فبهذا يتّضح الفرق بين مثل «زيد عالم» و«زيد العالم» حيث إنّ الأوّل مشتمل على دلالة تصديقيّة وهي قصد الحكاية والثاني لا يدلّ إلاّ على دلالة تصوّريّة(1).

أقول: التحقيق: أنّ التماميّة والنقصان من شؤون النسبة بما هي هي في المرتبة السابقة على طروّ التصديق أو النفي، أو أيّ حالة نفسانيّة عليها، وممّا يشهد لذلك: أنّنا لو أدخلنا أداة الاستفهام على جملة «زيد عالم» فقلنا: «هل زيد عالم؟»، فمن المعلوم أنّ مدخول أداة الاستفهام هنا ليست له دلالة تصديقيّة على قصد الحكاية؛ لأنّه بصدد الاستفهام عن ذلك، فكيف يقصد الحكاية؟ ولا يعقل الاستفهام عن المطلب التصديقيّ، وإنّما يعقل عن المطلب التصوّريّ، فالمستفهم عنه ليس إلاّ أمراً تصوّريّاً محضاً، بينما نحن نرى في هذا المثال بالذات أنّه لو بدّلنا جملة «زيد عالم» التي هي جملة تامّة إلى جملة «زيد العالم» التي هي ناقصة، وقلنا: «هل زيد العالم»، أصبح الاستفهام ناقصاً، ويحتاج إلى تتمّة، كَأن يقال: «هل زيد العالم موجود؟» أو «هل زيد العالم نائم؟» ونحو ذلك مع أنّ كلا المدخولين متمحّض في المطلب التصوّريّ» وليس في أحدهما قصد الحكاية، فهذا شاهد على وجود فرق في حاقّ النسبة التامّة والناقصة في عالم التصوّر المحض قبل أن نصل إلى مرحلة


(1) هذا التعبير لا ينسجم مع ما مضى عن السيّد الخوئيّ(رحمه الله) في حقيقة الدلالة الوضعيّة، من أنّها دلالة تصديقيّة، وكان بالإمكان تتميم المطلب مع حذف فرضيّة كون دلالة المركّب الناقص تصوّريّة.