المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

175

وعلى هذا الأساس صحّ السكوت على هذه النسبة، فإنّه يُرى في عالم الذهن شيئان وبينهما حبل، بينما في موارد النسبة الناقصة لم يكن يُرى إلاّ شيء واحد، وبهذا ظهر السرّ في أنّه: لماذا يصحّ «هل زيد عالم؟»، ولا يصحّ «هل زيد العالم؟»، فإنّ الاستفهام يكون دائماً عن النسبة، وفي قولنا: «هل زيد عالم» توجد في مدخول «هل» نسبة واقعيّة موجودة في صقع النفس، ويستفهم عنها، أي: عن مدى تطابقها لما في الخارج. وأمّا في قولنا: «هل زيد العالم» فالنسبة تحليليّة، لا واقعيّة، ففي عالم الذهن لا يرى شيئان مع نسبة حتّى يستفهم عنها، وإنّما يرى شيء واحد، فقولنا: «هل زيد العالم» يكون من قبيل قولنا: «هل زيد»، فكما لا يصحّ هذا لا يصحّ ذلك.

فإن قلت: إذا كان السرّ في التماميّة وصحّة السكوت عليه في مثل «زيد عالم» هو كون النسبة واقعيّة، فلماذا لا يصحّ السكوت على مثل النسبة الإضرابيّة، مع أنّها أيضاً نسبة واقعيّة، ففي مثل قولنا: «جاء زيد، بل عمرو» لو حذفنا كلمة جاء، وقلنا: «زيد بل عمرو» كان الكلام ناقصاً كما هو واضح.

قلت: السرّ في نقصان ذلك هو: أنّ النسبة الإضرابيّة وإن كانت نسبة واقعيّة، لكنّها نسبة بين ثلاثة اُمور، لا بين أمرين، فإذا حذف أحد الاُمور الثلاثة كان من الطبيعيّ أن يصبح الكلام ناقصاً، فإنّ النسبة الإضرابيّة تحتاج إلى مضرب عنه وهو زيد، ومضرب إليه وهو عمرو، ومضرب فيه وهو الحكم بالمجيء بقوله: جاء؛ فإنّ الإضراب من زيد إلى عمرو لا معنى له إلاّ في حكم من الأحكام، كالحكم بالمجيء.

وقد اتّضح بما ذكرناه: أنّ الاعتراضات الأربعة غير واردة على المسلك المشهور، وأنّ مسلك المشهور مطلب معقول متصوّر في نفسه، بل نقول: إنّ