المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

176

المسلك الثاني في نفسه غير صحيح؛ لأنّه مورد لإشكالين: إشكال مبنائيّ وإشكال آخر:

أمّا الإشكال الأوّل: فهو أنّه ماذا يقصد السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ بقوله: إنّ «زيد عالم» يدلّ على قصد الحكاية؟ فإن أراد أنّه يدلّ على قصد الحكاية دلالة تصوّريّة، أي ينقش في ذهن السامع تصوّراً صورة مفهوم (قصد الحكاية) فهذا بديهيّ البطلان؛ إذ معنى ذلك كون «زيد عالم» مرادفاً لقصد الحكاية، وهذا واضح البطلان، وإن أراد ـ وهو صريح كلامه ـ أنّه يدلّ على قصد الحكاية دلالة تصديقيّة، بمعنى الكشف عن قصد نفسانيّ جزئيّ في نفس المتكلّم، فهذه الدلالة مسلّمة، والمشهور لا ينكرونها، إلاّ أنّها ليست بالوضع، بل بقرائن حاليّة كما أشرنا إلى ذلك، وسيأتي ـ إن شاء الله ـ في تنبيه تبعيّة الدلالة للإرادة. والبرهان على عدم كونها بالوضع: أنّنا بيّنّا في بحث الوضع: أنّ مبنى السيّد الاُستاذ وهو كون الوضع عبارة عن التعهّد غير صحيح، وأنّ من ثمرات الخلاف في حقيقة الوضع: أنّ الدلالة الوضعيّة على مبنى التعهّد تصديقيّة، وعلى سائر المباني تصوّريّة، ولا يمكن أن تكون تصديقيّة.

وأمّا الإشكال الثاني: فهو أنّ الوجدان يشهد بأنّ جملة «زيد عالم» ينبغي أن يكون لها سنخ معنىً واحد محفوظ في تمام موارد استعمالاتها، وهذا الشيء ثابت بناءً على رأي المشهور من كون هذه الجملة موضوعة للنسبة التامّة. فنقول: إنّ «زيد عالم» تفيد بالدلالة التصوّريّة النسبة التصادقيّة، وهذه النسبة في مرحلة الدلالة التصديقيّة تارة تُحكى كما في قولنا: «زيد عالم» واُخرى يستفهم عنها كما إذا دخلت عليها أداة الاستفهام، فقلنا: «هل زيد عالم؟» وثالثة يتمنّى كما في قولنا: «ليت زيداً عالم» ورابعة يترجّى كما في قولنا: «لعلّ زيداً عالم» وما إلى ذلك.