المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

177

وأمّا على مسلكه ـ دامت بركاته ـ من دلالة «زيد عالم» على قصد الحكاية، فمن الواضح: أنّ هذه الجملة حينما تصبح مدخولة لمثل الاستفهام لا تدلّ على قصد الحكاية؛ فإنّ المتكلّم لا يستفهم عن قصد الحكاية، وإنّما يستفهم عن الواقع، إذن فيتّضح: أنّ مسلك المشهور هو الصحيح دون هذا المسلك. ولو أنكرنا شهادة الوجدان بوحدة المعنى في «زيد عالم» في تمام موارد استعمالاتها، فلا أقلّ من وجوب الاعتراف بمسلك المشهور في مثل هذه الموارد التي أصبحت هذه الجملة مدخولة لأمثال هذه الحروف لعدم إمكان الالتزام بقصد الحكاية في ذلك، أي: يجب على السيّد الاُستاذ أن يعترف بمسلك المشهور ولو في الجملة.

وقد أوردتُ عليه ـ دامت بركاته ـ النقض بـ «هل زيد عالم؟» فأجاب عن الإشكال بأنّنا نلتزم بأنّ «هل» مع مدخوله قد وضع مجموعاً لقصد الاستفهام عن شيء.

فأوردتُ عليه بأمرين:

أحدهما: أنّنا نبدّل مثال: «هل زيد عالم؟» بقولنا: «أحكي لك: أنّ زيداً عالم»، حيث إنّ جملة الفعل مع مفعولها لها وضع نوعيّ مطّرد في سائر الموارد، ويبعد افتراض وضع خصوص مثل «أحكي لك: أنّ زيداً عالم» لمعنىً خاصّ.

وثانيهما: أنّه حينما يقول المتكلّم: «هل زيد عالم؟» يصحّ للمخاطب أن يجيب بقوله: نعم. وكلمة «نعم» تكون بمنزلة تكرار الكلام الذي استفهم عنه، لكي تكون دلالته التصديقيّة هي التصديق بوقوعه، ولو كانت جملة «هل زيد عالم؟» بمجموعها موضوعة لمعنىً، ومدخول «هل» ليس له معنىً، فلا معنى لتصديقه بنعم.

فأجاب ـ دامت بركاته ـ عن ذلك بأنّ كلمة «نعم» تكون بمنزلة التكرار للّفظ المدخول دون معناه، ولا ضير في أن يكون المدخول حينما يستعمل مع «هل»