المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

179

التامّة هي نفس النسبة الصدوريّة، فيتبرهن بهذا وجود نسبتين في هذه الجملة: إحداهما: نسبة مستفادة من هيئة الفعل التي هي خارجة عن محلّ الكلام؛ لأنّنا نتكلّم في هيئات الجملة، والاُخرى: نسبة مستفادة من هيئة الجملة. وإذا كان الأمر هكذا، فلابدّ أن تكون النسبة الصدوريّة هي المستفادة من الفعل، والنسبة التامّة هي المستفادة من الجملة، ببرهان: أنّه من نفس كلمة «ضرب» يستفاد معنى صدور الضرب، إذن فهيئة «ضرب» تدلّ على النسبة الصدوريّة بين الضرب وبين فاعل ما، وبالتالي تدلّ كلمة «ضرب» بالتبع على فاعل ما، فكان المستفاد من كلمة «ضرب» مركّباً بالتحليل العقليّ من الضرب وذات ما والنسبة الصدوريّة بينهما، وذلك: إمّا بأن يفرض الركن الأصليّ هو الذات، فكأنّما قال: «ذات له الضرب»، أو يفرض الركن الأصليّ هو الضرب، فكأنّما قال: «ضَرْبُ ذات»، والظاهر: أنّ كلمة «ضرب» تنسجم مع كلا الفرضين، أي: افتراض كون الركن الأصليّ هو الذات، وافتراض كونه هو الضرب. ثُمّ يأتي دور هيئة الجملة المتحقّقة بضمّ الفاعل إلى الفعل، حيث يقال: «ضرب زيد» وهذه الهيئة تدلّ على النسبة التامّة بين ضرب وزيد، وهذه النسبة التامّة يمكن تفسيرها بأحد شكلين: فإمّا أن يفرض أنّها تماماً كالنسبة التصادقيّة بين زيد وعالم في قولنا: «زيد عالم». وإذا كان الأمر كذلك تعيّن بعد ذكر كلمة زيد: أنّ مقصود المتكلّم من «ضرب» كان هو المعنى الأوّل، أعني: أنّ الركن الأصليّ في تلك الماهية التي ترجع بالتحليل العقليّ إلى الضرب وذات ما ونسبة صدوريّة هو الذات، فكأنّما قال: «ذات له الضرب زيد» ومن الواضح عندئذ وجود النسبة التصادقيّة (بمعنى تصادق عنوانين على معنون واحد) بين تلك الذات وزيد.

وإمّا أن يفرض أنّها عبارة عن النسبة التصادقيّة بين الضرب وزيد، فكأنّما