المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

18

مفاده البراءة كما يقال في دليل الانسداد من أنّ الاحتياط التامّ حرجيّ فيُنفى بنفي الحرج، وهذا معناه ثبوت البراءة ولو في الجملة، فقاعدة نفي الحرج دخلت هنا في علم الاُصول، فإنّ البراءة من علم الاُصول؛ إذ هي تنفي جعولاً عديدة، فقد وقعت في طريق استنباط أحكام عديدة. وهذا لا ضير فيه؛ إذ أيّ فرق في اُصوليّة البراءة بين أن يكون دليلها « رفع ما لا يعلمون » أو يكون دليلها نفي الحرج؟

فقد تحصّل: أنّ المؤاخذة الثانية والثالثة قابلتان للدفع. نعم، بقيت المؤاخذة الاُولى بلا جواب؛ ولهذا عدل بعض إلى تعريفات اُخرى ونذكر في المقام تعريفين:


من الدورة السابقة ( ونحن حذفناه هناك فيما طبعناه من التقرير ) في وجه خروج قاعدة نفي الضرر: أنّها ـ في الحقيقة ـ ليست قاعدة تستنبط منها الأحكام، بل هي تجميع أحكام إلهيّة واقعيّة كثيرة جمعها الدليل في عبارة واحدة.

أقول: لو كان هذا هو الوجه لخروج قاعدة نفي الضرر عن علم الاُصول، للزم أيضاً خروج البراءة الشرعيّة عن علم الاُصول، فهي أيضاً ليست قاعدة تستنبط منها الجعول، وإنّما هي تجميع لعدد من النفي الظاهريّ والاقتطاع الظاهريّ المتعدّد بتعدّد المقتطع منه.

والوجه الصحيح في خروج قاعدة نفي الضرر عن علم الاُصول، والذي به تختلف عن البراءة ما ذكره(رحمه الله) أيضاً في أوّل بحث خبر الواحد ( وقد حذفناه هناك ) وأعاده في بحث الاستصحاب من أنّ قاعدة نفي الضرر قد اُخذت فيها مادّة معيّنة من موادّ الفقه، وسيأتي في التعريف المختار: أنّ القواعد الاُصوليّة لا تؤخذ فيها مادّة معيّنة من موادّ الفقه. ولا نفسّر مادّة الفقه بما سيأتي هنا من اُستاذنا الشهيد(قدس سره) في القيد الأوّل من قيود التعريف المختار من تفسيرها بفعل معيّن من أفعال المكلّفين كالصلاة والصوم حتّى يقال: إنّه لم توجد في قاعدة نفي الضرر مادّة معيّنة، بل نفسّرها بالتفسير الذي ذكره اُستاذنا(رحمه الله)في أوّل بحث الاستصحاب من أنّ مقصودنا بموادّ الفقه: كلّ عنوان أوّليّ أو ثانويّ متعلّق لحكم واقعيّ، كالصعيد مثلاً الذي هو عنوان أوّليّ، وكالضرر الذي هو عنوان ثانويّ.