المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

182


«ضرب زيد» على نسبة من النسب، وإنّما كان ذكر الفاعل وهو زيد لتشخيص الفاعل في شخص معيّن.

أمّا لماذا نفترض أنّ النسبة الصدوريّة مأخوذة ضمن المادّة، لا ضمن هيئة الفعل؟ فله وجهان:

الأوّل: أن يكون هذا مجرّد فرض في مقابل الفرض الأوّل؛ وذلك لأنّ المتيقّن هو وجود نسبتين في مثل «ضرب زيد»: نسبة صدوريّة، كما هو مفهوم بوضوح من هذا الكلام، ونسبة تامّة، بدليل أنّ هذا الكلام تامّ، في حين أنّ النسبة الصدوريّة ناقصة، وهذا المتيقّن كما يمكن فرض تفسيره بإرجاع النسبة الصدوريّة إلى هيئة الفعل، وإرجاع النسبة التامّة إلى هيئة الجملة، كذلك يمكن فرض تفسيره بإرجاع النسبة الصدوريّة إلى مادّة الفعل(1) وإرجاع النسبة التامّة إلى هيئته.

والثاني: أن نثبت ذلك بالبرهان، وهذا البرهان موقوف على الإيمان بما يقال من أنّ وضع الهيئات وضع نوعيّ، فمبنيّاً على ذلك نقول: إنّ النسبة المفهومة من الفعل ليست دائماً هي الصدوريّة، بل يختلف ذلك باختلاف الموادّ، ففي بعضها تفهم النسبة الصدوريّة، وفي بعضها الآخر تفهم النسبة الحلوليّة، أو غير ذلك، فلو اُوعزت هذه النسب إلى الهيئة كان هذا خلف فرض كون وضع الهيئة وضعاً نوعيّاً، إذن فينحصر الأمر في إيعازها إلى المادّة.

أقول: بناءً على كلّ ما مضى تحصّلت لنا حتّى الآن وجوه ثلاثة لحلّ مشكلة تصادم البرهان والوجدان في مثل «ضرب زيد»:

1 ـ فرض هيئتين ونسبتين حرفيّتين: إحداهما ناقصة مستفادة من هيئة الفعل، والاُخرى تامّة مستفادة من هيئة الجملة، وهي عين النسبة التصادقيّة المفهومة من مثل

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

(1) ودمج النسبة الناقصة في المعنى الاسميّ لاعيب فيه؛ لأنّها نسبة تحليليّة لا واقعيّة.