المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

184


وأمّا الحلّ، فهو: أنّنا لا نفترض أنّ هيئة الفعل دلّت على النسبة بمعناها التضايفيّ الذي هو بحاجة إلى طرفين، بل نقول: إنّها دلّت على حالة وخصوصيّة في الضرب، فإنّ الضرب تارة يلحظ بما هو حالّ، وهو الضرب الذي يضاف إلى المفعول، واُخرى يلحظ بما هو صادر، وهو الضرب الذي يضاف إلى الفاعل، فالهيئة في المقام دلّت على النحو الثاني، لا بمعنى أخذ مفهوم الصدور الذي هو معنىً اسميّ واستقلاليّ، بل بما هي حالة فانية ومندكّة في المادّة، سنخ فناء بعض الحروف التي لا تدلّ على النسبة بين طرفين، بل تتقوّم بطرف واحد، من قبيل لام التعريف بأقسامه الذي يدخل على الاسم.

أقول: بناءً على هذا، إذن لا يمكن إرجاع «ضرب» إلى ذات لها الضرب؛ لأنّ الذات الفاعلة غير مأخوذة في الكلام، فينحصر الأمر في إرادة ما يرجع إلى معنى «ضرب صادر»، فتتعيّن النسبة التصادقيّة بين الفعل والفاعل في التصادق بلحاظ المركز.

أمّا الذي كان يقصده اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في وقت البحث، فهو لم يكن عبارة عن دعوى دلالة هيئة «ضَرَبَ» على مجرّد النسبة الصدوريّة من دون التفات إلى طرفها الثاني، حتّى يقال: كيف يتعقّل قيام النسبة بطرف واحد؟ أو كيف يتعقّل أن يكون «زيد» المذكور في الكلام طرفاً لكلتا النسبتين: التامّة والناقصة؟ ويجاب على ذلك بأنّ معنى الهيئة هنا شبيهة بلام التعريف، بل كان عبارة عن دعوى دلالة الهيئة على تلك النسبة الناقصة، وعلى ذات مّا، لا بمعنى: أنّ الهيئة اشتملت على معنىً اسميّ باستقلاله، وهو معنى الذات، بل بمعنى: أنّ الهيئة دلّت على النسبة الصدوريّة المقيّدة بالذات. ←

ــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قد انصهر بحكم النسبة الناقصة مع الطرف الآخر في حصّة، فكيف يمكن أن يكون بوحده طرفاً لنسبة اُخرى؟! فلا يقاس هذا بمثل «زيد عالم عادل» مثلاً الذي لو فرض فيه كلّ من عالم وعادل خبراً مستقلاّ، لا بمجموعهما خبراً واحداً، لكان زيد طرفاً لنسبتين تامّتين.