المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

185


إلاّ أنّه لا يخفى أنّ هذا أيضاً لا ينسجم مع تأويل «ضَرَب» إلى ذات لها الضرب؛ لأنّ الذات الذي هو المعنى الاسميّ يصبح عندئذ هو الركن الأساس في معنى الهيئة، وذلك غير محتمل في باب الهيئات.

وقد اتّضح بكلّ ما ذكرناه: أنّه لو دار الأمر في حلّ مشكلة التصادم بين الوجدان والبرهان في الجملة الفعليّة من قبيل «ضرب زيد» بين الوجه الأوّل والثاني من الوجوه الثلاثة الماضية، فالثاني أولى؛ وذلك لأنّ الأوّل، وهو فرض النسبة التامّة نسبة تصادقيّة بين عنوان الذات الضاربة وزيد على معنون واحد يستدعي كون مفاد «ضَرَب» نسبة ناقصة بين الضرب وذات مّا، وهذا لا يكون إلاّ بأحد شكلين:

الأوّل: أن نفترض أنّ الركن الأساس المستفاد من الهيئة هو الذات الذي هو معنىً اسميّ، وهذا غير محتمل.

والثاني: أن نفترض مؤونة الحذف أو ما أشبهه في المقام، بأن نقدّر كلمة الذات مثلاً؛ لأنّ كلمة زيد الموجودة في الكلام قد فرضت طرفاً للنسبة التامّة، فلا يعقل أن تكون في نفس الوقت طرفاً للنسبة الاُخرى أيضاً، في حين أنّنا لا نحسّ في جملة «ضرب زيد» بمؤونة من هذا القبيل.

فينحصر الأمر: إمّا بافتراض أنّ الهيئة الناقصة في الفعل دلّت على حالة في الضرب الملحوظ، وهي الضرب بما هو صادر، لا بما هو حالّ، فليس المعنى الحرفيّ هنا بحاجة إلى طرف ثان، وهو الذات، أو بافتراض أنّ تلك الهيئة دلّت على النسبة الصدوريّة إلى الذات، من دون أن تكون الذات هي الركن الأساس في مفاد الهيئة، فيصبح مفاد «ضَرَب» أيضاً هي الضرب المتحصّص بالصدور عن ذات، وعلى كلا الافتراضين يبطل الوجه الأوّل، وينحصر الأمر بالوجه الثاني، وهو كون مفاد «ضَرَبَ» ضرب ذات، أو ضرب ملحوظ بما هو حالّ، وكون مفاد هيئة الجملة عبارة عن نسبة تصادقيّة بمعنى التصادق في المركز، لا في المعنون.