المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

218


النسب الحرفيّة في مرحلة المدلول التصوّريّ. ونفس الشيء يقال في التخاطب أيضاً، فإنّه يحقّق نسبة معيّنة تخاطبيّة على الوجه المذكور، وعلى هذا الأساس يكون الوضع في المبهمات من قبيل الوضع العامّ والموضوع له الخاصّ.

أقول: إنّ عدم كون الواقع الخارجيّ للإشارة مأخوذاً قيداً في الموضوع له؛ لأنّه يلزم من ذلك انقلاب الدلالة الوضعيّة إلى التصديقيّة، بل المأخوذ صورة ذهنيّة عن واقع الإشارة، قد ينقض بالنسبة التصادقيّة في مثل «زيد قائم»؛ فإنّ الهيئة تعطي للذهن واقع النسبة التصادقيّة، لا صورة عنها، ومع ذلك لم تنقلب الدلالة الوضعيّة إلى التصدّقيّة، فإنّ المقياس في انقلابها إلى التصدّقيّة إنّما هو فرض رجوع الوضع إلى التعهّد، ومع عدمه لا تكون الدلالة الوضعيّة كاشفة كي يحصل بها التصديق، ومجرّد إعطاء واقع النسبة لا يعني الكشف.

ولكن يحتمل أن يكون المقصود في المقام هو: أنّه بما أنّ النسبة التصادقيّة كان بالإمكان خلق مثلها في ذهن السامع، فكون الهيئة موضوعة لواقع النسبة التصادقيّة لم يكن بمعنى الكشف عنها، ولكن النسب التي لا يمكن خلقها في ذهن السامع برغم كونها ذهنيّة الموطن بلحاظ نفس المتكلّم، وذلك كالإشارة والتخاطب، وكالاستفهام على تفسير مضى منّا للاستفهام، فهنا لا معنى لفرض كون الوضع معطياً لواقع النسبة، إلاّ أن يكون الواضع كاشفاً عن واقع النسبة. وهذا رجوع إلى الدلالة التصديقيّة، إذن فمعنى إعطاء الوضع للنسبة إلى ذهن السامع إعطاؤه لصورة ما عنها إلى ذهن السامع ولو تحليليّة. أمّا ما يوجد في نفس المتكلّم، فلا ينبغي الإشكال في أنّه عبارة عن واقع النسبة كما قلناه في الاستفهام.

ثُمّ إنّ السرّ في عدم كون مجرّد الإشارة كلاماً تامّاً برغم أنّها ذهنيّة الموطن وغير تحليليّة هو: أنّ الإشارة لابدّ لها من هدف عقلائيّ، لا يتمّ بمجرّد الإشارة، وهو الإخبارعن حالة للمشار إليه مثلاً، أو الأمر بإيجاد، أو نحو ذلك، فليس النقصان هنا