المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

224

العناية المصحّحة للمجاز:

وهذه العناية الإضافيّة يمكن تفسيرها بعدّة وجوه:

الوجه الأوّل: ما اختاره المحقّق العراقيّ(رحمه الله)(1) من أنّ قدماء لغة العرب ومؤسّسيها قد فتحوا باب المجاز، واستعملوا اللفظ في المعنى المجازيّ، وعلى أساس استعمالهم صحّ استعمالنا؛ إذ لو لم يكن العرب قديماً قد استعملوه لم يكن عربيّاً؛ لأنّ العربيّ ما استعمله العرب، وإذا لم يكن عربيّاً كان معنى ذلك: أنّه لم يصحّ استعماله.

وهذا الوجه غير صحيح، فإنّنا ننقل الكلام إلى نفس استعمال الأقدمين، ونقول: هل هو مستند إلى الوضع أو لا؟ فإن كان مستنداً إلى الوضع، رجعنا إلى الوجه الثالث القائل بأنّ تلك العناية هو الوضع، وسيأتي الكلام فيه، وإبطاله، وإن كان مستنداً إلى الطبع، وبنفس الوضع السابق، فنفس ما صحّح لهم الاستعمال، وأوجب لهم التفهيم صحّح لنا الاستعمال أيضاً، وأوجب لنا التفهيم في عرض واحد، وليس استعمالنا في طول استعمالهم. وأمّا دعوى: أنّهم لو لم يستعملوا لما كان عربيّاً، فغير صحيح، فإنّ المراد من العربيّ ما كان يستمدّ صحّته من الوضع العربيّ، لا ما استعملوه وجرى على لسانهم.

الوجه الثاني: ما يظهر من صاحب الكفاية كتفسير لرأي القائل بالاحتياج إلى عناية زائدة، وهو: أنّ يقال: إنّ الاستعمال المجازيّ بحاجة إلى الترخيص من قبل الواضع(2).


(1) لم أره في المقالات، ولا في نهاية الأفكار، ولعلّه موجود في تقرير آخر، أو أ نّني غفلتُ عن محلّ وجوده.

(2) راجع الكفاية، ج 1، ص 199 بحسب طبعة المشكينيّ.