المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

225

فإن كان هذا هو مقصود صاحب هذا المسلك، ورد عليه: أنّ المراد بالترخيص: إن كان هو الترخيص التكليفيّ، فمن المعلوم أنّ هذا شأن المولى الذي تجب إطاعته، لا شأن الواضع، وإن كان هو الترخيص الوضعيّ بمعنى جعل الصحّة للاستعمال، فمن المعلوم أنّ صحّة الاستعمال بما هي هي غير مجعولة بنفسها، وإنّما تنتزع من ناحية الوضع، فرجعنا إلى الوضع، وستعرف بطلانه في ردّ الوجه الثالث.

الوجه الثالث: أن يقال: إنّ تلك العناية عبارة عن وضع جديد في قبال الوضع للمعنى الحقيقيّ، والكلام في هذا الوجه: تارةً يقع بناءً على مسلك المشهور في تفسير الوضع المصحّح للاستعمال الحقيقيّ الذي ينتج الدلالة التصوّريّة فقط، واُخرى على مسلك التعهّد الذي ينتج الدلالة التصديقيّة.

أمّا بناءً على المسلك الأوّل، فمن الواضح أنّ الكلام على هذا المسلك يقع في الدلالة التصوّريّة للّفظ على المعنى المجازيّ، لا الدلالة التصديقيّة؛ لأنّنا نريد أن نتكلّم في كيفيّة تصحيح دلالة اللفظ على المعنى المجازيّ الموازية لدلالته على المعنى الحقيقيّ الناشئة من الوضع، وهي دلالة تصوّريّة حسب الفرض، فيكون الوضع للمعنى المجازيّ بنفس المعنى للوضع للمعنى الحقيقيّ، لا بمعنى التعهّد مثلاً، فالكلام إذن في الدلالة التصوّريّة للّفظ على المعنى المجازيّ، وعلى هذا الأساس قد يقال بأنّ هذه الدلالة التصوّريّة بحاجة إلى وضع كما كانت الدلالة التصوّريّة على المعنى الحقيقيّ بحاجة إلى ذلك؛ لعدم وجود العلاقة الذاتيّة بين الألفاظ والمعاني، وهذا الوضع يمكن أن يدّعى فيه أحد وجوه:

الأوّل: أن يكون على حدّ وضع اللفظ للمعنى الحقيقيّ، غاية الأمر أنّ وضع «أسد» للحيوان المفترس شخصيّ، ووضعه للرجل الشجاع نوعيّ؛ حيث إنّ الواضع وضع كلّ لفظ له معنى حقيقيّ لما يشابه معناه الحقيقيّ.