المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

226

ويرد عليه: أنّ هذا لا يفسّر الطوليّة بين دلالة اللفظ على المعنى الحقيقيّ ودلالته على المعنى المجازيّ، وكون الاُولى أقوى من الثانية بنحو لا تصل النوبة إلى الثانية، إلاّ في طول عدم تماميّة الاُولى؛ لأنّ الوضعين عرضيّان، فينتجان دلالتين عرضيّتين، وكذلك لا يفسّر أيضاً الطوليّة بين نفس الدلالات المجازيّة، فإنّها إذا كانت كلّها بالوضع في عرض واحد، فلماذا يكون بعضها حاكماً على بعض، وأقوى منه؟

الثاني: أن يكون الوضع الثاني للمعنى المجازيّ متعلّقاً باللفظ لا بمجرّده، بل بضمّ ضميمة، وهي القرينة الدالّة على المعنى المجازيّ، فاللفظ مع القرينة موضوع للمعنى المجازيّ.

فإن قيل: إنّ هذا الوضع لغو؛ لأنّ المفروض فيه وجود القرينة على المعنى المجازيّ، وفرض ذلك هو فرض وجود الدالّ على المعنى المجازيّ، فيكون الوضع لغواً؛ لوجود الدالّ بدونه.

قلنا: إنّ الغرض من الوضع تصحيح الاستعمال، لا مجرّد إيجاد الدلالة، ومن الواضح أنّ صحّة الإتيان بلفظ عند قصد معنىً عرفاً لا يكفي فيه مجرّد انفهام ذلك المعنى ولو بالقرينة، بل لابدّ من مناسبة خاصّة بين اللفظ والمعنى، وهي لا تحصل إلاّ بالوضع؛ ولهذا نجد أنّ إنساناً لو أراد الرجل الشجاع بكلمة قمر، ونصب قرينة على ذلك لم يكن استعماله صحيحاً، وإن كان مفهماً بلحاظ القرينة.

ويرد على هذا الوجه: أنّ صحّة استعمال اللفظ في المعنى المجازيّ لا تتوقّف على نصب القرينة المعيّنة للمعنى المجازيّ، فلابدّ إذن من مصحّح أوسع من الوضع المفروض.

الثالث: أن يكون الوضع الثاني متعلّقاً باللفظ المقيّد بالقرينة الصارفة