المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

229

والدلالة التصديقيّة لا تحصل بمجرّد المناسبة الطبيعيّة والاقتران التصوّريّ، بل إنّما تحصل بسبب الملازمة التي تنشأ من التعهّد، فلابدّ من الالتزام بالتعهّد لتصحيح الدلالات المجازيّة.

وما يقال في تصوير التعهّد المذكور بنحو يتعقّل الجمع بينه وبين التعهّد المصحّح للدلالة على المعنى الحقيقيّ عدّة أنحاء:

أحدها: الالتزام بتعهّدين، وطرف أحد التعهّدين هو اللفظ المجرّد عن قرينة قائمة على المعنى المجازيّ، وطرف التعهّد الآخر هو اللفظ المقرون بالقرينة المعيّنة للمعنى المجازيّ.

ويرد عليه: أنّ هذا التعهّد الثاني لغو، لا يفيد لا لتصحيح الاستعمال بمعنى إخراجه عن كونه استعمالاً بلا مناسبة، من قبيل: استعمال القمر في الرجل الشجاع مع القرينة؛ لما عرفت من أنّ الاقتران بالواسطة الذي يحصل بين اللفظ والمعنى المجازيّ يكفي لتصحيح الاستعمال بهذا المعنى، ولا للهدف المفروض من إيجاد الدلالة التصديقيّة؛ لكفاية القرينة المعيّنة للمعنى المجازيّ لإيجاد الدلالة التصديقيّة، فنفس القرينة تكون بمثابة تعهّد شخصيّ في كلّ استعمال، فلا حاجة إلى التعهّد النوعيّ.

ثانيها: الالتزام بأنّ طرف التعهّد الثاني هو اللفظ المقيّد بالقرينة الصارفة. ولا يرد عليه إشكال اللغويّة؛ لعدم كفاية القرينة الصارفة في الدلالة على المعنى المجازيّ، ولكن يرد عليه كما يرد على سابقه ـ بعد الالتفات إلى أنّ دائرة صحّة استعمال اللفظ في المعنى المجازيّ أوسع من موارد وجود القرينة الصارفة فضلاً عن المعيّنة؛ لوجاهة استعمال اللفظ في المعنى المجازيّ عرفاً بلا قرينة في حالات تعلّق الغرض بالإبهام، وهذا كاشف عن أنّ ملاك صحّة الاستعمال ليس هو التعهّد المذكور، بل المناسبة الطبيعيّة ـ ما سوف يأتي توضيحه، من أنّ ذلك يكفي