المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

23

إثبات التنجيز أو التعذير تجاه الحكم، لم يصحّ ما يقوله من خروج مبحث حجّيّة القطع عن علم الاُصول؛ لأنّ ذلك لا يقع في طريق استنباط الحكم؛ إذ فرض القطع هو فرض الاتّصال بالحكم مباشرة والوصول إليه، فإنّ هذا يرد عليه حينئذ: أنّ مبحث حجّيّة القطع متكفّل لبيان تنجيز الحكم وتعذيره بالقطع، وقد فرض: أنّ الاستنباط قصد به إقامة الحجّة بالمعنى الأعمّ، أي: إقامة التنجيز والتعذير. إذن فيدخل مبحث حجّيّة القطع في علم الاُصول.

على أنّه بعد دخول حجّيّة القطع في علم الاُصول لا يبقى مجال لدخول سائر القواعد الاُصوليّة، كالبراءة، والاستصحاب، وأيّ قاعدة اُخرى في علم الاُصول حسب مبانيه دامت بركاته؛ لأنّها جميعاً بحاجة إلى حجّيّة القطع وقد فرض: أنّ القاعدة الاُصوليّة يجب أن لا تحتاج في مقام الاستنباط منها إلى قاعدة اُصوليّة اُخرى، إذن فكلّ قواعد الاُصول أو جلّها خرجت عن علم الاُصول.

إلاّ أن يلتزم بخروج حجّيّة القطع عن علم الاُصول، لا بملاك عدم وقوعها في طريق الاستنباط، بل بنفس الملاك الذي أخرج به حجّيّة الظواهر عن علم الاُصول، وهو كونها أمراً واضحاً لم يقع في أصلها خلاف، وإن وقع الخلاف في بعض تفاصيلها، كما وقع ذلك في حجّيّة الظهور أيضاً.

وأمّا المؤاخذة الثالثة ـ وهي شمول التعريف للقواعد الفقهيّة ـ فقد أجاب عليها بأنّنا نقصد بالاستنباط: الاستنباط التوسيطيّ، لا الاستنباط التطبيقيّ.

وتوضيح ذلك: أنّ الاستنباط قد يكون تطبيقيّاً بمعنى كون النتيجة قطعة من المقدّمة، ومصداقاً لها، وتطبيقاً لها، وهذا شأن الاستنباط من القواعد الفقهيّة، فاستنباط الضمان في البيع الفاسد من « قاعدة ما يضمن بصحيحه يضمن بفاسده » عبارة عن تطبيق تلك القاعدة العامّة في إحدى مواردها، وتكون النتيجة ـ وهي