المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

231

السامع إلى مقصود المتكلّم، وهذا المقدار من الترقّب والشأنيّة محفوظ في موارد الإجمال، كما هو محفوظ في المقام أيضاً، فالاستعمال إذن في المعنى المجازيّ ليس غلطاً حتّى مع عدم التعهّد والوضع الخاصّ، غاية الأمر أنّه ليس للّفظ دلالة تصديقيّة تامّة على المعنى المجازيّ؛ لعدم التلازم بسبب عدم التعهّد. وبهذا يختلف ـ بقطع النظر عن أيّ وضع للمجاز ـ استعمال كلمة «أسد» في الرجل الشجاع واستعماله في الماء؛ فإنّ الثاني غلط دون الأوّل. وأمّا الدلالة التصديقيّة فبعد أن وضّحنا عدم كون الاستعمال المجازيّ غلطاً، ولو لم يكن تعهّد ووضع خاصّ، قلنا: إنّ من الواضح ـ سواء فرض وجود تعهّد وضعيّ في حقّ المجاز أو لا ـ: أنّ هناك تعهّداً من قبل كلّ إنسان عرفيّ بأن لا يصدر عنه الغلط في الاستعمال، وهذا تعهّد غير التعهّدات الوضعيّة، وحينما نضمّ هذا التعهّد إلى القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقيّ يتحقّق ملاك الدلالة التصديقيّة على الرجل الشجاع، فإنّ المتكلّم إذا قال: «رأيت أسداً يرمي» فكلمة «أسد» إمّا أن تكون مستعملة عنده في الحيوان المفترس، أو في الماء مثلاً، أو في الرجل الشجاع، والأوّل منفيّ بالقرينة، والثاني منفيّ بتعهّد الإنسان العرفيّ بعدم القيام باستعمال مغلوط عرفاً؛ لوضوح: أنّ استعمال كلمة «أسد» في الماء بدون وضع وتعهّد وضعيّ لذلك غلط عرفاً، فيتعيّن أن يكون المراد هو الرجل الشجاع، وبذلك تحصل الدلالة التصديقيّة للّفظ على المعنى المجازيّ بلا حاجة إلى وضع تعهّدي بالنحو المدّعى.