المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

270

«أسد» موضوعة لأحد المعنيين أو المعاني سبباً للتبادر؛ فإنّ العلم الإجماليّ نسبته إلى المعنيين أو المعاني على حدّ سواء، فلا معنى لإيجابه تبادر أحد المعنيين أو المعاني بالخصوص، وإنّما المقصود هو: أنّ التبادر موقوف على العلم الارتكازيّ البسيط بالوضع، وهو: أن يعلم الإنسان بالوضع من دون أن يعلم بعلمه؛ وذلك لغفلته وعدم التفاته، فيكون العلم ثابتاً في أعماق النفس دون أن يعلم به هو، والموقوف على التبادر هو العلم المركّب الملتفت إليه، بأن يعلم بالوضع ويعلم بعلمه بالوضع.

إلاّ أنّ هذا الجواب غير صحيح؛ فإنّنا لو بنينا على مبنى المشهور في الوضع من كونه عبارة عن جعل واعتبار، فإمّا أن يقصد بعلاميّة التبادر تحصيل أصل العلم بالوضع، أو يقصد بها تحصيل العلم بالعلم به.

فإن قصد بها تحصيل أصل العلم بالوضع، لزم الدور؛ لأنّ أصل العلم بالوضع لابدّ من فرضه قبل التبادر حتّى يعقل التبادر.

وإن شئت فقل: يستحيل أن يكون التبادر علامة على أصل الوضع، ومحصِّلاً للعلم به؛ لأنّ التبادر ليس معلولاً للوضع بما هو اعتبار قائم بالواضع الجالس في غرفته حتّى يدلّ عليه دلالة إنّيّة، وإنّما تمام العلّة للتبادر هو العلم بالوضع ولو خطأً، فالوضع ليس علّة ولا جزء علّة للتبادر، فكيف يعقل كشفه بالتبادر كشفاً إنّيّاً؟(1).

 


(1) لا يخفى: أنّ تقريب الدور أمتن من هذا التقريب؛ لوضوح إمكان الجواب على هذا التقريب بافتراض أنّنا نتكلّم في فرض ما لو ثبت لصاحب التبادر بقطع، أو بأصل عقلائيّ، عدم وقوعه في خطأ، أو في ملابسات شخصيّة خلقت له ظهوراً شخصيّاً للكلام،