المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

285

الاستعمال، ولا مجازيّ؛ إذ لا معنى حقيقيّ تفرض العلاقة بينه وبين المعنى المجازيّ(1).

وقد يتخيّل في رفع هذا الإشكال أنّ هذا الاستعمال يصحّح بكونه استعمالاً حقيقيّاً؛ فإنّه استعمال في نفس المعنى الموضوع له، فإنّ الوضع ثابت في وقت الاستعمال؛ لأنّ الوضع هنا وإن كان بنفس الاستعمال فهو متأخّر عنه، إلاّ أنّه متأخّر عنه رتبةً لا زماناً؛ فإنّ المعلول معاصر زماناً لعلّته، فهذا استعمال للمعنى الموضوع له بالوضع الحاليّ في آن الاستعمال.

إلاّ أنّ التحقيق أن يقال: إنّ الاستعمال على نحوين:

أحدهما: الاستعمال التفهيميّ، أي: الاستعمال الذي يراد به نقل ذهن السامع إلى المعنى ولو شأناً واقتضاءً.

والثاني: الاستعمال غير التفهيمي، وهو ممكن حتّى في المعاني الأجنبيّة عن اللفظ، كأن يستعمل أحدٌ لفظ الماء في الحجر لا بمعنى نقل ذهن السامع من هذا اللفظ إلى معنى الحجر، بل بمعنى مجرّد إلقاء اللفظ بلحاظ أنّه قالب للمعنى وكأنّه هو المعنى وإن كان هذا الاستعمال يعدّ غلطاً ومستهجناً لأنّه لغو.

فإن كان المقصود في المقام دعوى الوضع بالاستعمال التفهيميّ، فالإشكال مسجّل على ذلك، ولا جواب عليه؛ فإنّ التفهيم يجب أن يكون إمّا بوضع سابق أو بعلاقة مع المعنى الحقيقيّ، وأمّا الوضع الذي يكون بنفس هذا الاستعمال التفهيميّ فلا يمكن أن يكون مصحّحاً للتفهيم؛ فإنّه دور واضح؛ إذ الوضع في طول الاستعمال التفهيميّ، والاستعمال التفهيميّ يتوقّف على الوضع باعتبار احتياج


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 32 بحسب طبعة المشكينيّ.