المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

288

وأمّا الوضع التعيينيّ بمثل «وضعت» فاحتماله ساقط في المقام؛ لأنّ العادة جارية وقاضية بأنّ الواضع حينما يريد الوضع إنّما يريد أن يوجد به لغةً وعرفاً عامّاً لغويّاً؛ وهذا لا يكون إلاّ بالإلقاء على المجتمع، لا بالوضع في غرفته، أو عند شخص واحد. ونحن لا نحتمل أنّه(صلى الله عليه وآله) ألقى المطلب اجتماعيّاً ولم ينقل بأيّ شكل من الإشكال، مع تمام اهتمامهم بنقل كلّ ما يسترعي الانتباه من سيرته(صلى الله عليه وآله).

وأمّا الوضع التعيينيّ الاستعماليّ فليس أمراً مستبعداً، كما كان التعيينيّ التصريحيّ مستبعداً؛ لأنّه في التعيينيّ التصريحيّ كان يفترض صدور جملة إنشائيّة في مقام الوضع، وكان يستبعد عدم نقلها إلينا كما عرفت. وأمّا هنا، فيفترض صدور استعمال عن النبيّ(صلى الله عليه وآله)، وما أكثر استعماله لهذه الألفاظ، فلعلّ أوّل الاستعمالات كان إعلاميّاً.

إلاّ أنّ هذا المقدار من البيان إنّما يُثبت مجرّد عدم البُعد، ولا يكفي ذلك، بل لابدّ من إقامة دليل على هذا الوضع حتّى يثبت.

وغاية ما يتحصّل من كلماتهم في مقام الاستدلال على ذلك هي: أنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله)كان مخترعاً لهذه المركّبات الاعتباريّة، وسيرة العقلاء جارية على أنّ المخترع لاُمور جديدة يتصدّى إلى وضع ألفاظ لهذه المعاني الجديدة، وحيث لم يثبت الوضع بالتصريح، إذن فقد كان الوضع بنفس الاستعمال.

وينبغي أن يكون واضحاً: أنّ هذه الصيغة من البيان بهذا المقدار غير كافية، فإنّه لو سلّمنا الصغرى، وهي كون الشارع مخترعاً لمركّبات، والكبرى، وهي كون سيرة العقلاء في مثل ذلك وضع ألفاظ للمعاني الجديدة، فغاية ما يفيد ذلك الظنّ بأنّ الشارع لم يتجاوز السيرة العقلائيّة في المقام، فهو أيضاً وضع ألفاظاً لهذه المعاني. أمّا دعوى القطع بذلك، فلا يمكن إلاّ بنحو المجازفة، ولا دليل على حجّيّة مثل هذا