المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

291

معناه: الاعتراف بالحقيقة الشرعيّة، فإن اعترفنا بذلك في مرتبة سابقة، فهو المطلوب، وإلاّ قلنا: إنّ هذه الألفاظ لعلّها استعملت في معانيها اللغويّة، فهذه الآيات لا يمكن أن نثبت بها قدم المعاني، إلاّ بأن نثبت الحقيقة الشرعيّة في مرتبة سابقة.

قلنا: إنّنا: إمّا أن نقول: إنّا نسلّم بكون لفظة «الصلاة» صارت حقيقة بعد مرور زمان ولو بكثرة الاستعمال، فنجري أصالة الحقيقة في ذلك، ونثبت أنّ المقصود بها المعنى الشرعيّ، خصوصاً في الآيات المدنيّة مثلاً، وما هو محلّ النزاع فعلاً إنّما هو الوضع التعيينيّ، فنعترف بالوضع التعيّنيّ، ونثبت أنّ هذه المعاني كانت قديمة، فليس الشارع هو المخترع لها.

أو نقول: إنّه يكفينا الشكّ؛ فإنّ هذه الآيات توجب احتمالاً كبيراً بأنّ الصلاة بالمعنى الشرعيّ، كانت موجودة في مرتبة سابقة، وهذا الاحتمال يكفي لإبطال الدليل؛ لأنّه كان يتوقّف على الجزم بالصغرى.

بل يمكن أن نصعّد أزيد من هذا ونقول: كما أنّ هذه المعاني كانت قديمة كذلك هذه الألفاظ كانت ثابتة عند العرب قبل الإسلام. والذي يقرّب ذلك: أنّه كان يوجد عدد كبير من العرب يدين بدين اليهوديّة والنصرانيّة في جزيرة العرب وغيرها، وهم ـ لا محالة ـ كانوا يمارسون عباداتهم، وهي تلك المعاني الشرعيّة التي ثبت قدمها، فهل كانوا يعبّرون عنها بنفس هذه الألفاظ، أو كانوا لا يعبّرون عنها بشيء، أو كانوا يعبّرون عنها بألفاظ اُخرى؟

أمّا الأوّل، فهو المطلوب، وأمّا الثاني فغريب؛ إذ كيف يوجد شيء شائع داخل في حياتهم ولا يعبّرون عنه بشيء؟! وأمّا الثالث فغريب أيضاً؛ إذ لو كانت هناك كلمة اُخرى حيّة غير الصلاة تستعمل لنفس المعنى لما أمكن عادة أن تموت دفعة