المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

292

واحدة وبمجرّد أن جاء الإسلام بحيث لا يوجد عين ولا أثر عنها في التراث القديم من كتاب وسنّة وحديث وأشعار وخطب وما إلى ذلك.

نعم، يمكن افتراض استغناء الإسلام عن تلك الألفاظ بالتدريج، لكن الاستغناء التدريجيّ يستدعي الخفاء التدريجيّ، فالظاهر: أنّ القرآن جرى على نفس التعبير العربيّ الدارج، وممّا يؤكّد ذلك تعبير القرآن عن عمل المشركين بالصلاة كقوله تعالى: ﴿وَمَا كَانَ صَلاَتُهُمْ عِندَ البَيْتِ إلاَّ مُكَاءً وَتَصْدِيَةً﴾، وقوله تعالى: ﴿فَوَيْلٌ لِّلمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاَتِهِمْ سَاهُونَ﴾، فإنّ مقتضى سياق الآية أنّها وردت في الكفّار. فهاتان الآيتان تنظران في تعبيرهما بالصلاة إلى الزمن الحاضر للمشركين أو الكفّار في زمن نزول الآية لا إلى أيّام الاُمم السالفة. وممّا يؤيّد ذلك أيضاً ورود كلمة الصلاة في إنجيل برنابا(1) بناءً على احتمال كونه مترجماً قبل الإسلام، وأيضاً كان تمام العرب والمشركين يحجّون، وكانت كلمة الحجّ داخلة في لغة العرب وأعرافهم وتقاليدهم، وقد سمّوا السَنَة بالحجّ، وثماني حجج(2) يعني: ثماني سنين.

وبالجملة اتّضح: أنّ هذا الدليل غير تامّ، فلا دليل على الوضع التعيينيّ الاستعماليّ.

بقي شيء، وهو: أنّنا كنّا فارضين الفراغ عن أصل استعمال الشرع لهذه الكلمات في معانيها الشرعيّة، فتكلّمنا في أنّه: هل يمكن دعوى الوضع التعيّنيّ بكثرة الاستعمال، أو الوضع التعيينيّ الاستعماليّ بالاستعمال، أو لا؟ وهناك من


(1) ورد نقل ذلك في أجود التقريرات، ج 1، ص 34 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق السيّد الخوئيّ(رحمه الله).

(2) إشارة إلى قوله تعالى: ﴿عَلى أَنْ تَأجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَج﴾، سورة القصص، الآية: 27.