المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

296


بالتدريج وبالوضع التعيّنيّ، فلا نقول: إنّ الوضع وجعل المصطلح كان خارجاً عن هدف المستعمِل، وأنّ الوضع التعيّنيّ حصل قهراً ومن دون اقتران بالقصد من قبله، كما قد يكون هو المقصود بالاحتمال الثاني، ولا نقول أيضاً: إنّ الوضع تمّ بالاستعمال الأوّل؛ لمكان التأكّد الكيفي، في أوّل قرن كما هو الحال في الاحتمال الأوّل، بل نحتمل أنّ المستعمِل رغم أنّه كان بصدد إبراز مصطلحاته الجديدة لم يكن الاستعمال الأوّل كافياً لتركّز المصطلح؛ وذلك لعدم اشتمال القرن الأوّل على التأكّد الكيفيّ بالقدر الكافي، فكان لابدّ أن يحصل القرن الأكيد بكثرة الاستعمال.

وهذا الفرض وإن أمكن جعله مصداقاً للاحتمال الثاني، بأن يقال: إنّ الاحتمال الثاني هو احتمال الوضع التعيّنيّ، وهذا الفرض أيضاً أنتج الوضع التعيّنيّ، ولكن هذا الفرض يشتمل على ميزة إضافيّة على الثمرة التي فرضت للاحتمال الثاني. وتوضيح ذلك: أنّ الثمرة التي فرضت للاحتمال الثاني إنّما هي حمل تلك الألفاظ على المعاني الشرعيّة في الأيّام المتأخّرة عن بدء الرسالة، لا في الأيّام الاُولى؛ وذلك لعدم تماميّة الوضع التعيّنيّ في بادئ الأمر، من دون فرق في ذلك بين الكتاب والسنّة، في حين أنّه بناءً على الفرض الذي فرضناه يكون هناك فرق بين الكتاب والسنّة، فبلحاظ السنّة يكون التفصيل بين الأيّام الاُولى للرسالة والأيّام الأخيرة معقولاً؛ لأنّ الوضع التعيّنيّ إنّما يتمّ بلحاظ الأيّام المتأخّرة لا الأيّام الاُولى. أمّا بلحاظ الكتاب، فبما أنّ الكتاب لم يكن تنزيله ـ رغم نزوله نجوماً لا دفعة ـ بروح نصوص متدرّجة وغير مترابطة، بل كان بروح تأليف كتاب واحد خالد يتّبع نسقاً واحداً في روح المعاني والمصطلحات، إذن فحينما عرفنا أنّ هناك لصاحب الكتاب مصطلحات معيّنة ركّزها بلحاظ تأكّد القرن بالتدريج لا دفعة واحدة يكون ظاهر حاله ـ لا محالة ـ إرادة تلك المعاني المصطلحة حتّى في الآيات النازلة في الأيّام الاُولى، فلئن كانت الطهارة مثلاً في نظر هذا المؤلّف لها معنىً خاصّ، أو لها مصداق جديد زائداً المصداق الظاهريّ من الطهارة، تحمل ـ لا محالة ـ كلمة «الطهور» أو كلمة