المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

298

وأمّا إذا ثبتت الحقيقة الشرعيّة ولم يثبت النقل، وأنكرنا الآكديّة وكثرة الاستعمال بهذه الدرجة، وقلنا: إنّ ظاهر حال المخترع إنّما هو وضع اللفظ لما اخترعه دون انتزاعه من المعنى الأوّل، فعندئذ يتعيّن التوقّف.

إلاّ أنّ السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ تبعاً للمحقّق النائينيّ(رحمه الله) أنكر الثمرة في المقام، وقرّب ذلك(1) بأنّه بلحاظ زمان الأئمّة(عليهم السلام) لا إشكال في صيرورة هذه الألفاظ حقائق في المعاني الشرعيّة، فينحصر الأثر بالنسبة إلى النصوص الدينيّة في زمن الرسول(صلى الله عليه وآله) من الكتاب والسنّة، وهذه النصوص قد تلقّيناها كلّها عن طريق الأئمّة(عليهم السلام)، ففي مقام معرفة المراد يجب النظر إلى ما هو الحقيقة في زمان الناقل، وفي ذلك الزمان لا إشكال في كونه حقيقةً في المعنى الجديد.

وهذا البيان غريب؛ إذ لو فرضت تماميّته بالنسبة للسنّة النبويّة فكيف يمكن تماميّته في القرآن الكريم؟! وتوضيح ذلك: أنّ الناقل حينما يكون بصدد نقل المضمون سواء انحفظ اللفظ أو لا يجب أن تكون ألفاظه ذات دلالة على المقصود في عصره، وأمّا حينما يكون بصدد نقل اللفظ بالخصوص، فلا معنى للحمل على ما هو الظاهر في زمان الناقل، ومن الواضح: أنّ القرآن قد تلقّيناه بلفظه من تمام المسلمين بما فيهم سادتهم وهم الأئمّة(عليهم السلام)، ولم يكونوا بصدد نقل المضمون بغضّ النظر عن اللفظ، كما هو واضح، كما لا يبعد أيضاً في السنّة أنّهم(عليهم السلام) كانوا في كثير من الأحيان بصدد نقل نفس اللفظ؛ لشدّة اهتمام المسلمين وقتئذ بنصوص


المضاف إليه، أو الحال، أو ما إلى ذلك، تحمل عبائرهم على المعاني المصطلحة في علم العربيّة لا على المعاني اللغويّة.

(1) راجع المحاضرات، ج 1، ص 126.