المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

304

ولكن يقع الكلام في تصوير النزاع بنحو يكون كلّ من القولين دعوىً معقولة، ومحتملة في نفسها بناءً على كون تلك الألفاظ مجازات في المعاني الشرعيّة؛ إذ قد يقال: لا معنى للنزاع عندئذ، لا في تحديد المعنى الموضوع له؛ لأنّه لم يوضع اللفظ لا للصحيح ولا للأعمّ بحسب الفرض، ولا في تحديد المعنى المجازيّ؛ إذ لا إشكال في صحّة الاستعمال في الصحيح وفي الأعمّ والفاسد مجازاً، ومن هنا اتّجه البحث إلى تصوير صيغة معقولة للنزاع على هذا التقدير، والصيغ المتصوّرة في المقام عديدة:

منها: أنّ النزاع يكون في تعيين المجاز الأوّل الذي له علاقة بالمعنى الحقيقيّ مباشرةً، فيتعيّن حمل اللفظ عليه بعد العلم بعدم إرادة المعنى الحقيقيّ ما لم تقم قرينة على صرفه عنه حتّى تصل النوبة إلى المجاز الثاني الذي يكون مناسباً للمجاز الأوّل.

وقد تخيّل المحقّق الخراسانيّ(رحمه الله)(1) أنّ مجرّد كون أحد المجازين هو ذو العلاقة مع المعنى الحقيقيّ مباشرة، وكون المجاز الآخر ذا علاقة مع المجاز الأوّل لا يكفي لتقديم الأوّل على الثاني، بل لابدّ من افتراض أنّ الشارع جعل القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقيّ قرينة عامّة على إرادة المجاز الأوّل، فالمجاز الثاني هو الذي يحتاج إلى قرينة معيّنة، وإلاّ فإذا تعذّرت الحقيقة فلابدّ من المجاز، وكلاهما مجازان، ولا وجه لتقديم أحدهما على الآخر من دون قرينة معيّنة.

إلاّ أنّ هذا الكلام غير صحيح؛ فإنّ نفس نكتة تقدّم المعنى الحقيقيّ على المعنى


(1) راجع الكفاية، ج 1، ص 34 ـ 35 بحسب الطبعة المشتملة على تعليق المشكينيّ.