المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

306

إلاّ أنّه مع ذلك لا تتمّ هذه الصيغة للنزاع في المقام؛ إذ لا يعقل فرض كون الأعمّ هو المناسب للمعنى الحقيقيّ مباشرة، وكون الصحيح أقلّ مناسبةً للمعنى الحقيقيّ، حتّى يكون الأعمّ هو المجاز الأوّل، والصحيح هو المجاز الثاني؛ فانّ الصحيح هو فرد من أفراد الأعمّ، وليست الخصوصيّة الموجودة فيه زيادة على الجامع أمراً يُبعّده عن الشبه والعلاقة مع المعنى الحقيقيّ، كما أنّ كثيراً من الأفراد الفاسدة أيضاً ليست أقلّ شبهاً وعلاقةً بالمعنى الحقيقيّ من الصحيح، حتّى يفرض الصحيح هو المجاز الأوّل، والأعمّ هو المجاز الثاني.

ومنها: ما تصوّره المحقّق الإصفهانيّ(رحمه الله)(1) من فرض: أنّ الصحيحيّ يقول: إنّ اللفظ دائماً يستعمل في الصحيح، وحينما يقصد الأعمّ فالمتكلّم يعمل عناية عقليّة في تنزيل الفاسد منزلة الصحيح، والأعمّيّ يقول: إنّه يستعمل دائماً في الجامع، وحينما يراد خصوص الصحيح يفهّم ذلك بنحو تعدّد الدالّ والمدلول بأن تفهم


الأمرين، بأن يكون المجازان طوليّين في حدّ ذاتهما، بل قصد افتراض: أنّ الشارع هو الذي تعمّد لحاظ العلاقة بأحد المجازين دون الآخر رغم تساويهما ذاتاً في العلاقة بالمعنى الحقيقيّ. أمّا حينما يستعمله في المجاز الثاني، فإنّما يستعمله فيه بمناسبة المجاز الأوّل وبتبعه، ولهذا أورد عليه بأنّ القرينة الصارفة عن المعنى الحقيقيّ لا تكفي لتعيين ما هو ذو العلاقة الملحوظة للشارع، بل لابدّ من نصب قرينة اُخرى تعيّن ذا العلاقة الملحوظة، وأنّى لهم بإثبات ذلك؟!

ولعلّ الوجه في عدوله عن فرض الطوليّة بين المجازين في ذاتهما إلى فرض تعمّد الشارع للحاظ العلاقة بأحدهما دون الآخر هو التفاته إلى ما بيّنه اُستاذنا الشهيد(رحمه الله) في المتن، من نفي الطوليّة بين الصحيح والأعمّ في كيفيّة العلاقة بالمعنى الحقيقيّ.

(1) راجع نهاية الدراية، ج 1، ص 48 ـ 49.