المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

319

بالحكم؛ لأنّ الباقي مثله، ولا يريد أن يثبّت الحكم عليها جميعاً بنحو الاستغراق والشمول، فينتزع عنوان «أحدها»، ففي ما نحن فيه نفترض أنّ الصلوات على اختلاف أشكالها ننتزع جامعاً لها، وهو عنوان «أحدها»، ونسمّي هذا الجامع بالصلاة.

وهذا أيضاً غير صحيح؛ لأنّ عنوان «أحدها» لا يصلح أن يكون موضوعاً لحكم شموليّ واستغراقيّ، بينما كلمة «الصلاة» كما قد يحكم عليها بالمطلق البدليّ كذلك قد يحكم عليها بالمطلق الشموليّ، من قبيل: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ تَنْهَى عَنِ الفَحْشَاءِ وَالمُنكَرِ﴾(1) وبكلمة اُخرى: أنّ مفهوم الصلاة لم تؤخذ فيه البدليّة، بل هو سنخ مفهوم حياديّ تجاه البدليّة والشموليّة، فلابدّ من تصوير جامع حياديّ تجاههما، وعنوان «أحدها» يشتمل على البدليّة(2).

هذه هي الصيغة الفنّيّة في مقام تقرير إبطال الجامع، وهناك تخلّصات عنها،


(1) سورة العنكبوت، الآية: 45.

(2) لا يخفى: أنّ البدليّة ليست من لوازم كلّ عنوان انتزاعيّ يخيطه الذهن للإشارة إلى ما في الخارج، فلو أنّ واضع اللغة أخذ قيد البدليّة في مفهوم «أحدها» كما أخذ قيد البدليّة في التنوين الداخل على مثل كلمة «العالم» في مثل «أكرم عالماً» مثلاً، فهذا لا يعني أنّه لا يمكن للواضع أن يضع كلمة لعنوان انتزاعيّ يخيطه الذهن (لا بمعنى الخياطة الخياليّة البحت من قبيل بحر من زئبق) لإلباسه على ما في الخارج من دون إشرابه بمفهوم البدليّة، فمثلاً لو بُدّلت كلمة «أحدها» بكلمة الفرد منها، نرى أنّها تصلح للحكم عليه بحكم شمولي، فلو قيل: الفرد من هذه العبادات المخصوصة ينهى عن الفحشاء والمنكر، يصحّ قصد الشمول بذلك، وعليه فالمدّعى في المقام: أنّ كلمة «الصلاة» مثلاً موضوعة لمعنىً من هذا القبيل، وهذا جامع انتزاعيّ غير ذاتيّ، ولم تلحظ فيه البدليّة، ولم يلحظ فيه عَرَض خارجيّ بالمعنى الذي يخالف الارتكاز القائل بأنّ هذه الأسماء أسماء لذوات العبادات لا بلحاظ مرتبة أمر عرضيّ خارجيّ يعرض عليه.