المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

333

الكفاية يورد على ذلك بأنّ الأعمّ من الصحيح والفاسد لم يدلّ دليل على ثبوت أثر مشترك فيه بنحو الاقتضاء فضلاً عن العلّيّة حتّى نستكشف من ذلك الجامع البسيط بقانون (أنّ الواحد لا يصدر إلاّ عن واحد). وإن أردنا تصوير الجامع المركّب: إمّا بأن يكون مركّباً من أجزاء معيّنة ذاتاً كالأركان الخمسة مثلاً، أو من أجزاء معيّنة عدداً كسبعة من أجزاء الصلاة مثلاً، فصاحب الكفاية يورد على ذلك بأنّ هذا معناه: كون المسمّى بالنسبة لباقي الأجزاء لا بشرط، فباقي الأجزاء والشرائط غير داخل في المسمّى، وإذا ضمّ إلى تلك الأجزاء كان من حيث المسمّى من قبيل: ضمّ الحجر إلى جنب الإنسان، وهذا معناه: أنّ من صلّى صلاة صحيحة وواجدة لجميع الأجزاء والشرائط فإطلاق اسم الصلاة على مجموع ذلك يكون مجازاً، من باب إطلاق اسم الجزء على الكلّ، بينما لا يكون الأمر كذلك قطعاً.

أقول: أمّا الجامع البسيط، فإن صحّ ما ادّعاه من الجامع البسيط بين الصلوات الصحيحة، فهذا لازمه ثبوت جامع بسيط بين مطلق الصلوات ولو كانت فاسدة، إلاّ أنّه جامع إجماليّ تقديريّ لا جامع تنجيزيّ؛ وذلك لأنّ كلّ صلاة فاسدة بمقدار ما يكون تحت النظر للقائل بالأعمّ تكون صحيحة في زمان ما من بعض الناس، فالصلاة بلا قراءة تصحّ من الأخرس، والصلاة مع ترك بعض الأجزاء غير الركنيّة تصحّ من الناسي، وهكذا، فلو عبّرنا عن الجامع بين الصلوات الصحيحة باللاهوت مثلاً، قلنا: إذا وضعت لفظة «الصلاة» لما هو لاهوت بالفعل، كانت اسماً للصحيح، وإذا وضعت لما هو لاهوت ولو في زمان ما ولشخص ما، كان اسماً للأعمّ(1)،


(1) فإن قلت: ماذا تقول في صلاة الغريق التي تصحّ من الغريق، ولا تكون صلاة من غير الغريق؟ قلت: هي ليست صلاة من الغريق أيضاً، وإنّما هي صلاة لُغَويّة اكتفى الشارع بها من الغريق.