المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

356

وقد ناقش السيّد الاُستاذ ـ دامت بركاته ـ في ذلك بأنّ السبب والمسبّب له معنيان:

الأوّل: السبب بمعنى الإنشاء الذي يصدر عن المكلّف، والمسبّب بمعنى حكم العقلاء أو الشارع بالملكيّة مثلاً.

والثاني: السبب بمعنى الإنشاء اللفظيّ أو الفعليّ، أي: المبرِز للإنشاء، والمسبّب بمعنى ذاك الاعتبار الذي يُبرَز باللفظ أو الفعل، أي: الاعتبار والإنشاء النفسانيّ القائم بنفس العاقد.

والمعنى الأوّل غير وارد في المقام؛ لأنّ المسبّب بهذا المعنى فعل للشارع العقلائيّ أو الدينيّ، لا للبايع، فلا يحتمل أن يقال بأنّ لفظ «البيع» موضوع


وعلى أيّ حال، فتحقيق الكلام في المقام هو: أنّ المسبّب وهي الملكيّة مثلاً له وجود في عوالم ثلاثة: فلدينا ملكيّة في عالم اعتبار المتعاملين النفسانيّ، ولدينا ملكيّة في عالم اعتبار العقلاء وأحكامهم، ولدينا ملكيّة في عالم اعتبار الشريعة وأحكامها، فإن قصد بالصحّة والفساد بالنسبة للمسبّب صحّة كلّ واحد من هذه المسبّبات وفساده بلحاظ عالمه، فمن الواضح: أنّ كلّ واحد منها بلحاظ عالمه يدور أمره بين الوجود والعدم، لا بين الصحّة والفساد، وإن قصد بالصحّة والفساد: الصحّة والفساد الشرعيّان، فالمسبّب الثالث ـ وهو الملكيّة الشرعيّة ـ أمره دائر بين الوجود والعدم، ولا معنى لاتّصافه بالصحّة والفساد كما هو واضح. أمّا المسبّب الأوّل والثاني، فأيّ منهما فرض هو الموضوع للحكم الشرعيّ من الإمضاء أو الردّ، يتّصف ـ لا محالة ـ بالصحّة والفساد، بمعنى كونه ممضىً شرعاً ومؤثّراً للنتيجة المطلوبة وعدمه. وأ يّما لم يفرض موضوعاً للحكم الشرعيّ لم يكن معنىً لاتّصافه بالصحّة والفساد. وإن قصد بالصحّة والفساد: الصحّة والفساد العقلائيّان، فالمسبّب الثاني ـ وهو الملكيّة العقلائيّة ـ أيضاً يدور أمره بين الوجود والعدم، دون الصحّة والفساد، ويبقى المسبّب الأوّل فحسب هو الذي يمكن افتراض توصيفه بالصحّة والفساد بمعنى إمضائه عقلائيّاً وعدم إمضائه.