المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

357

للمسبّب؛ إذ لا إشكال في أنّه موضوع لفعل البايع نفسِه؛ ولذا يسند إليه ويقال: باع، أو يبيع، إذن فالتردّد بين كون ألفاظ المعاملات موضوعة للأسباب أو المسبّبات إنّما هو بالمعنى الثاني، وبهذا المعنى يكون المسبّب أيضاً متّصفاً بالصحّة والفساد، فإنّ هذا الاعتبار النفسانيّ إن كان قد صدر عن البالغ العاقل المختار إلى غير ذلك من الشروط، كان صحيحاً، وإلاّ كان فاسداً(1).

أقول: لا إشكال في أنّ المسبّب بالمعنى الثاني يتّصف بالصحّة والفساد، فالنزاع يجري عليه، لكن من المعلوم أنّ المشهور ليس مرادهم المعنى الثاني، وإنّما أرادوا المعنى الأوّل، وبناءً عليه قالوا: بأنّ المسبّب لا يتّصف بالصحّة والفساد؛ لأنّ حصول التمليك بعوض هو روح الصحّة، ولا معنى لكونه فاسداً. وأمّا إشكاله ـ دامت بركاته ـ على ذلك بأنّه فعل الشارع لا البايع، فكيف يمكن أن يحتمل أحد أنّ اسم البيع موضوع له، فجوابه: أنّ المسبّب بالمعنى الأوّل وإن كان فعلاً مباشريّاً للشارع، ولكنّه فعل تسبيبي للبايع، فينسب إلى البايع حقيقة.

وتوضيح ذلك: أنّ الشارع بعد أن حكم أوّلاً بحكم كلّي على نحو القضيّة الحقيقيّة بحصول الملكيّة كلّما تمّ البيع بشرائطه، ثُمّ أراد المتعاقدان أن يفعلا ما يوجب انطباق هذا القانون عليهما، فليس عملهما مجرّد اعتبار التمليك، أو التملّك بعوض، وإبراز ذلك بهدف التوصّل إلى التسلّط الخارجيّ لكلّ منهما على ما عند صاحبه مثلاً، فإنّ هذا يمكنهما إيجاده بلا أيّ حاجة إلى الاعتبار والإنشاء، فيكون الاعتبار لغواً صرفاً، وإنّما يعتبران وينشئان ذلك بهدف إدخال أنفسهما تحت ذاك الإلزام، وقانون الملكيّة الكلّيّ الذي جعله من هو أكبر من كلّ واحد منهما، وهو


(1) راجع المحاضرات، ج 1، ص 195 بحسب طبعة مطبعة النجف.