المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

361

السبب وهو الإنشاء: أنّه صحّحه ونفّذه، ومقتضى إطلاق ذلك: أنّه جعل كلّ إنشاء صحيحاً. وفي إمضاء المسبّب لا يتمّ الإطلاق؛ لأنّ معنى (أحلّ الله البيع) لو اُريد بالبيع النتيجة: أنّه أقدرنا على التمليك بعوض، ويكفي في تحقّق الإقدار على التمليك بعوض صحّة سبب واحد من أسبابه المقدورة لنا، والتمليك بعوض ليس له خارجاً في كلّ شيء إلاّ وجود واحد، فلا تتعلّق به إلاّ قدرة واحدة، فلا معنى لفرض الإطلاق؛ فإنّ تمليك هذا الشيء بالمعاطاة مثلاً وتمليكه بالقول لا يمكن أن يحصلا في عرض واحد، وإنّما الذي يمكن أن يحصل هو أحدهما على سبيل البدل، والقدرة لا يمكن أن تكون عليهما معاً في عرض واحد، وإنّما يمكن أن تكون على صرف الوجود والجامع، فدليل الإقدار على النتيجة لا يمكن أن يدلّ بإطلاقه على أزيد من جامع القدرة الحاصل بمجرّد القدرة على سبب واحد صحيح، فالدليل لا يدلّ على تنفيذ كلّ الأسباب. وهذا الذي نقوله واضح عرفاً قبل الالتفات إلى التحليل الفنّي، فأنت ترى أنّه لو قيل: «زيد قادر على قتل الجانيّ»، فهو حسب الفهم العرفيّ لا يدلّ على أزيد من ثبوت القدرة بنحو صرف الوجود على قتله ولو بالقدرة على سبب واحد، وهو الضرب بالسكّين مثلاً، ولا يدلّ على القدرة على كلّ أسباب القتل: من الضرب بالسكّين، وإعطاء السمّ وغير ذلك.

إلاّ أنّ هذا التقريب لإبطال الإطلاق في دليل الإمضاء والمنصبّ على المسبّب يمكن المناقشة فيه بأن يقال: إنّ القدرة المأخوذة في مفهوم (أحلّ الله البيع) بمعنى إمضاء المسبّب ليست عبارة عن الإقدار التكوينيّ، بل هي مطعّمة بالحكم والجعل، فإنّها عبارة عن إمضاء وتنفيذ، وإن شئت فعبّر بالإقدار التشريعيّ. وبكلمة اُخرى: لا إشكال في أنّها نوع جعل وحكم من قبل المولى، والقدرة بهذا المعنى لا نسلّم عدم تعدّدها بتعدّد الأسباب، فهي قدرات تتعدّد في عرض واحد، وتثبت بنحو