المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

366


وهذا البيان لا يرد عليه شيء من التقريبين؛ إذ ليس الإمضاء بمعنى الإقدار حتّى يقال: إنّ الإقدار لا يكون إلاّ على أحد التمليكات؛ لاستحالة الجمع فيما بينها، فيبطل الإطلاق الشموليّ. وليس متعلّقه التمليك الشرعيّ حتّى يشبّه بمتعلّق الأوامر الذي لا يتمّ الإطلاق الشموليّ بشأنه، بل متعلّقه تمليك سابق، ويكون التمليك الشرعيّ بواسطة الإمضاء، وتعلّق الإمضاء بالملكيّة السابقة بمعنى تنفيذها يكون ـ لا محالة ـ كتعلّق أيّ حكم بموضوعه، ويثبت إمضاء جميع حصصها، وبما أنّ تعدّد تلك الملكيّة يكون بتعدّد أسبابها، فإطلاقها يعني ـ لا محالة ـ تصحيح تمام تلك الأسباب.

بقي الكلام في أنّه: هل الصحيح ما ذكره اُستاذنا(رحمه الله) من أنّ التحليل والإمضاء في (أحلّ الله البيع) يكون بمعنى الإقدار على التمليك، ويكون متعلّقه هو التمليك، سنخ كون الصلاة مثلاً متعلّقاً للأمر في قوله: «صلِّ»؟ أو ما ذكره السيّد الخوئيّ(رحمه الله) من أنّه بمعنى تنفيذ ملكيّة سابقة، وصحيح: أنّ هذا التنفيذ هو بذاته إقدار على التمليك الشرعيّ، إلاّ أنّ هذا حكم تعلّق بملكيّة سابقة سنخ تعلّق الأحكام بموضوعاتها؟

المفهوم عرفاً في رأيي هو الثاني، أي: ما أفاده السيّد الخوئيّ(رحمه الله) لا ما أفاده اُستاذنا الشهيد(قدس سره).

أمّا ما برهن به اُستاذنا الشهيد على مدّعاه من أنّ إمضاء الشارع للعقود كإمضاء العقلاء للعقود، وبمعنىً واحد، وإنّما الفرق في المشرّع والممضي، فجوابه هو: أنّ هذا لا يثبت أكثر من أنّ متعلّق التنفيذ ليست هي الملكيّة العقلائيّة؛ إذ لا معنى لفرض أنّ العقلاء ينفّذون ويمضون ما أمضوه من الملكيّة، ولا إمضاء سابق حتّى يتعلّق به الإمضاء العقلائيّ وتنفيذهم. إلاّ أنّ هذا ـ كما ترى ـ لا يبرهن كون التحليل هنا بغير معنى تنفيذ تمليك سابق، وكونه محضاً بمعنى الإقدار على التمليك؛ إذ بالإمكان أن يكون بمعنى تنفيذ التمليك، ولكن ليس التمليك العقلائيّ، بل التمليك الذي جرى في اعتبار المتعاملين، فإنّ التمليك له وجود في عالم اعتبار المتعاملين، وله وجود في عالم التشريع العقلائيّ، وله