المولفات

المؤلفات > مباحث الاُصول القسم الأوّل - الجزء الأوّل

367

التعويض عن الإطلاق اللفظيّ بالإطلاق اللبّيّ:

الجهة الخامسة: اتّضح أنّه بناءً على الصحيح الشرعيّ، وكذلك بناءً على الوضع للمسبّبات(1) لا يمكن التمسّك بالإطلاق، ومن هنا اُريد التعويض عن الإطلاق اللفظيّ في هذه الفروض بالإطلاق اللبّيّ، ويمكن تقريبه بوجهين:

الوجه الأوّل: أن يكون الإطلاق بملاك دلالة الاقتضاء وصون كلام الحكيم عن اللغويّة، حيث إنّ المولى لو أراد بقوله: (أحلّ الله البيع) تحليل السبب الصحيح شرعاً على إجماله ومن دون معرفة حدوده وأجزائه وشرائطه، لكان لغواً، فينعقد


وجود في عالم التشريع الشرعيّ. وكلّ من التشريع العقلائيّ أو الشرعيّ تنفيذ وإمضاء للتمليك الموجود في عالم اعتبار المتعاملين على ما هو الصحيح من كون الإنشاء كاشفاً عن الاعتبار النفسانيّ، أو تنفيذ وإمضاء للتمليك الذي أوجده المتعاملان بالإنشاء على الرأي الآخر الذي يرى إنشاء العقد موجداً للمُنشأ، وهو الملكيّة.

والسيّد الخوئيّ(رحمه الله) لم يحصر الأمر ـ حسب التعبير الوارد في المحاضرات ـ في تفسير تحليل البيع بإمضاء التمليك العقلائيّ كما هو المتبادر من نقل اُستاذنا(رحمه الله) بل تكلّم على كلّ الفروض: من كون المسبّب الممضى عبارةً عن الاعتبار القائم بنفس المتعاملين، أو عبارةً عن الوجود الإنشائيّ الحاصل بالعقد بناءً على مسلك إيجاديّة العقود، أو عبارةً عن الإمضاء العقلائيّ.

نعم، غاية ما في الأمر هو الجزم ببطلان الاحتمال الأخير، وهو كون المسبّب عبارة عن الإمضاء العقلائيّ؛ لأنّ الإمضاء العقلائيّ والإمضاء الشرعيّ أمران عرضيّان منصبّان على شيء واحد، ولا يختلفان إلاّ في المشرّع، فالمشرّع تارةً هو العقلاء، واُخرى هو الشريعة، فلابدّ من الفحص عن مسبّب ممضىً مشترك بين الإمضاءين، وليكن هو الملكيّة الثابتة في عالم المتعاملين، لا في عالم العقلاء.

(1) مضى منّا النقاش في هذا الكلام.